كان يكفي الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري أن يقول أنه "فتح التوربو" لعملية التأليف حتى تنقلب الأمور على الساحة الداخلية اللبنانية، وتبرز مؤشرات ايجابية نجو العمل على حلحلة العقد التي تحول دون تأليف الحكومة، فهل سيفعلها الرئيس الحريري ويقدّم تشكيلته الحكومية مساء اليوم للرئيس ميشال عون؟
ووفق المعلومات لصحيفة "الأخبار"، فإن الحريري سيقدم اليوم إلى عون أول تصور في شأن الحصص في الحكومة الثلاثينية، حيث سيضمن اقتراحه مجموعة عناصر، لن تحظى بمباركة رئاسية على الأرجح، وفي طليعتها تبنيه وجهة نظر النائب وليد جنبلاط التي نقلها إليه، أمس، أبو فاعور، بالتمسك بالمقاعد الدرزية الثلاثة في الحكومة، كما سيتبنى الحريري وجهة نظر القوات اللبنانية التي نقلها إليه رياشي، أمس، لجهة تثبيت الحقيبة السيادية من ضمن الحصة التي يفترض أن تتماهى مع تمثيل القوات النيابي والسياسي الذي أفرزته الانتخابات النيابية، كما سيزور الحريري القصر الجمهوري مرة ثانية، يوم الأحد المقبل، للقاء عون ورئيس المجلس النيابي، قبل أن يغادر الأخير في إجازة خاصة قد تستمر عشرة أيام.
وفي ضوء هذه المشاورات، أشارت المصادر لصحيفة "المستقبل" إلى أنّ الحريري سيتداول اليوم مع عون في "المعطيات والمستجدات الأخيرة لتكوين فكرة مشتركة عن الخطوة المقبلة على طريق تشكيل الحكومة العتيدة"، معتبرةً أنّ "الصورة أضحت واضحة لدى الرئيس المكلف وهو سيعمل على تفكيك العُقد التي تعترض عملية التأليف كل منها على حدة تمهيداً لتحديد خارطة توزيع الحقائب في التشكيلة المرتقبة".
اتصالات مكثّفة لحل العقد
وكان الرئيس الحريري قد كثّف فور عودته من إجازة عيد الفطر، اللقاءات والاتصالات على أكثر من صعيد، في مسعى لحل العقد التي تحول دون تأليف الحكومة، وقد تميّزت حركة الحريري في الساعات الأخيرة باطلاق مسار استشارات التأليف بزخم لافت حرص عبره على تبديد الانطباعات التي سادت خلال غيابه عن بطء عملية التأليف وتأخرها، وتبين من اللقاءات التي عقدها أمس بحسب "النهار" مع عدد من ممثلي الكتل النيابية والقوى الحزبية والسياسية ان البحث بدأ يتعمق في الحصص والحقائب استناداً الى مطالب هذه الكتل والقوى، فيما لا يزال الحريري "يجوجل" المطالب ويستمع أكثر مما يعد ويوضح طبيعة التصور الذي يزمع وضعه لمسودة التشكيلة الحكومية.
وكشَفت المصادر لـ"الجمهورية" أنّ الحريري "ابلغ الى مَن التقاهم أنّه يعمل على حلحلة العقَد بروح ايجابية وأنّ الامور قابلة للحلّ وليست معقّدة على نحو ما يُطرح في الاعلام، وهو يميل الى تمثيل وزاريّ قريب من تمثيل "حكومة استعادة الثقة" التي تصرّف الاعمال، لكنّه يسعى للحصول على موافقة عون وبري على هذا الامر، خصوصاً أنّه يرى انّ التمثيل كلّما اتّسع في الحكومة صَعُبَت مهمّته، وطرحُ أيّ معادلة جديدة في لعبة التوازن سيؤدي الى تأخير ولادة الحكومة وبروز عقدِ ومطالب اكبر".
بعبدا تراقب
في غضون ذلك تتبَّعت دوائر قصر بعبدا ما رافقَ عودة الحريري واللقاءات التي عَقدها ونوعيتها، وبدا أنّ اتّصالات جرت في شأنها قبَيل عودته، ومهّد لها بمجموعة اقتراحات جديدة اثناء وجوده في باريس، وقد تؤدي الى تحريك الجمود الحاصل منذ تقديمه اقتراحاتِه السابقة التي تضمّنت توزيعةً للحقائب على ممثلي الأطراف "الأكثر تمثيلاً" تمهيداً للانتقال الى مرحلة توزيع الحقائب على "الأقل تمثيلاً" و"المستقلّين" قبل الوصول الى مرحلة إسقاط الأسماء عليها.
عين التينة: الأجواء ايجابية
ورشح من اوساط عين التينة لـ"النهار" انّ الاجواء التي عكسها الحريري خلال اتصاله ببري "كانت إيجابية". وعندما سُئل بري: هل توجَد تعقيدات داخلية تُواجه تأليفَ الحكومة، أجاب: "لا عِلم لي". وأكّد، ردّاً على سؤال آخر، أنه "حاضر" للتدخّل لتذليل العقبات التي تعترض الولادة الحكومية إذا طلبَ المعنيون تدخّله.
ماذا عن العقد؟
أما في ما خصّ العقد، وخلافاً للمعلومات التي ذكرت بأن اللقاء الباريسي بين الحريري ورئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، كان جيداً وايجابياً كشف مصدر وزاري لصحيفة "اللواء" ان اللقاء كان سيئاً بالنسبة لمسألة تأليف الحكومة، وان باسيل رفض إعطاء أي حصة وزارية وازنة للقوات، الاّ ان مصادر "اللواء" كشفت ان رئيس الحزب سمير جعجع اطلع أعضاء تكتل "الجمهورية القوية" خلال الاجتماع الذي عقد مساء أمس على أجواء الاتصالات التي وصفت بأنها "جيدة وايجابية" وان هناك تقدماً يحصل من خلال تبادل الأفكار التي ما تزال قائمة، وان "القوات" تنظر إلى النصف الممتلئ من الكوب وليس النصف الفارغ، لكنها تحرص على ان يكون تمثيلها في الحكومة بشكل لائق، باعتبار ان النّاس سلمت القوات أمانة لا يمكن التفريط بها.
وعلمت "الجمهورية" أنّ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لا يزال عند موقفِه المطالب بوزيرين لـ"التكتّل الوطني" الذي يضمّ سبعة نواب، على أن يُسنَد إلى التكتل إحدى الحقائب الآتية: الأشغال العامة، الطاقة، أو الاتصالات، لكن المصادر اشارت إلى ان "تكتل لبنان القوي" متمسك بدوره بالطاقة، وبأن يكون نائب رئيس الحكومة من الوزراء الذين يسميهم رئيس الجمهورية على ان تكون وزارة العدل من حصة "القوات" في حين ان الأخذ ما يزال مستمراً حول وزارة الصحة، التي يطالب بها حزب الله.
وأشارت صحيفة "اللواء" الى وجود توجه لدى رئيس الجمهورية لتوزير نادر الحريري من حصته خصوصاً وانه يطالب بمقعد وزاري من الحصة السنية، على غرار ما حصل في الحكومة المستقيلة، كما ان نواب سنة 8 آذار يطالبون بمقعدين وزاريين، بما يتناسب مع حجم الكتل المتحالفين معها.
أما في ما يتعلّق بالعقدة الدرزية، فهي لا تزال في المربع الأول على وقع تمسك الحزب التقدّمي الاشتراكي بالوزراء الدروز من دون اعطاء أي حصة للوزير طلال ارسلان. وهذا التوجّه أبلغه الوزير وائل ابو فاعور أمس الى الحريري، وأكّد التمسك به، مع ضرورة الحصول على حقيبة وازنة وخدماتية.