عاد سمير جعجع الى قصر العدل، الجمعة، لكن هذه المرة بصفة مدّعي، وليس مدعىً عليه أو متهماً. وعلى مدى ثلاث ساعات متواصلة، استمعت القاضي المنفرد الجزائي في بيروت فاطمة جوني الى رئيس حزب القوات اللبنانية، في الدعوى المقامة منه ومن القوات اللبنانية ضد رئيس مجلس إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال بيار الضاهر بجرم "الهيمنة على المؤسسة والإستيلاء عليه".
وسبق الجلسة إجراءات أمنية مشدّدة داخل وفي محيط قصر العدل، حيث أُخرج الموظفون من "العدلية" وأُقفلت المكاتب وسمح للصحافيين وطرفي القضية من الدخول بعد أن أبقيت الهواتف الخلوية خارج قاعة المحكمة ومُنع أي كان من الدخول والخروج قبل رفع الجلسة.
جعجع أكّد أنّ الـ "ال بي سي" كانت وما زالت ملكاً للقوات اللبنانية وأنّ "القوات" سجّلت المحطّة باسم بيار الضاهر أسوة بكلّ وسائل الإعلام التابعة للقوات فهي سجّلت مجلّة "المسيرة" و"لبنان الحرّ" بإسم أشخاص، وأشار الى أن "القوات" لم تطالب الضاهر بالتنازل عن المحطة لصالح "القوات" لحكم العلاقة الوطيدة بينها وبين الضاهر، ولكون المحطة هي بحكم الأمر الواقع ملكاً للحزب.
جعجع قال أنّه في العام 2001 وفي فترات لاحقة، كان الضاهر يجمع مسؤولي الأمن في المحطة ويطلب منهم السهر على أمنها لأنّها أمانة في أيديهم لحين "خروج الدكتور جعجع من السجن واستعادتها ووضع يده عليها".
ونفى رئيس "القوات" أن تكون الضغوط السياسية والأمنية التي تعرّض لها والتي ساهمت في دخوله السجن، سبباً في تنازله عن المحطة أو بيعها لبيار الضاهر أو أي جهة أخرى، لأنّ المحطة هي أهم محطة إعلامية في لبنان إن لم يكن في العالم العربي.
وردّا على سؤال أكّد جعجع أنّه عند دخوله السجن لم يفقد الأمل بالخروج من السجن وأنّه كان يعتقد أنّ مدّة دخوله للسجن ستكون محدودة وكأنّها "فركة دينة" لأنه رفض بعد الطائف الدخول في حكومتي الرئيسين عمر كرامي ورشيد الصلح.
وتابع في العام 2006، عندما شعر ببعض الإجراءات الملتبسة التي يقوم بها الضاهر، استدعاه وطلب منه أن يتنازل عن ملكية المحطة لصالح "القوات" فرفض وادعى ملكيته لها، عندها وجّه له ثلاثة إنذارات ولما لم يستجب تقدّمت القوات بدعوى ضدّه.
رئيس حزب القوات أشار الى أنّ الخلاف مع الـ "ال بي سي" ليس مالياً أو تجاريّاً، لأنّ الـ "ال بي سي" أهم من المال بكثير وهي تعني الكثير لكلّ عنصر في "القوات" ولكلّ محازب ومؤيّد فيها.
وطلب وكيل جعجع النائب جورج عدوان من المحكمة ضم كتاب الرئيس الراحل جورج الهراوي المتضمن "شراء الدولة اللبنانية سلاحا من القوات اللبنانية بقيمة خمسة ملايين دولار بعد انتهاء الحرب".
بدوره بيار الضاهر أكّد أنّه اشترى موجودات محطّة الـ "ال بي سي" في العام 1992 بقيمة 5 ملايين دولار سدّدها على أقساط لحزب القوات اللبنانية، موضحا أنه في العام 1994 داهم الجيش اللبناني مبنى المحطة في جونية، عندها طلب من الدكتور جعجع تأمين مبنى آخر لينقل البث اليه فقام الأخير بتأمين المبنى الحالي في أدما، مشيرا الى أنّه ـ أي الضاهر- دفع مبلغ 900 ألف دولار احتسبت من قيمة الخمسة ملايين دولار. وقال أنّ الخلاف مع جعجع هو خلاف سياسي على كيفية إدارة المحطة وليس خلاف مالي، مؤكدا أنه كان يريد أن تكون المحطة لكلّ اللبنانيين لا أن تكون تابعة لحزب معيّن. وبرّر تفاوضه مع جعجع في العام 2006 ليثبت أنّه اشترى المحطة بموجب عقد بين الطرفين.
ثمّ رُفعت الجلسة ربع ساعة لتستمع بعدها القاضي جونية الى افادة كريم بقرادوني كشاهد في القضيّة. ويسجل للقاضية جونية كفاءتها في إدارة الجلسة وحرصها على إعطاء كلّ من الجهتين المتخاصمتين حقّه في تسجيل ملاحظاته وتدوينها من دون السماح لأن تطغى الخلافات السياسية على مسار الجلسة التي تقرر في ختامها إرجاء القضية إلى الثامن من تشرين الأول المقبل للمرافعة.