كتبت صحيفة "الشرق الأوسط": تظهر المرحلة الحالية في لبنان أن التحالفات السياسية تُفصَّل تفصيلاً على قياس حاجة كل طرف، سواء إلى تضخيم حجمه أو إلى تغليب مشروعه على حساب الأطراف السياسية الأخرى. وطبيعة هذه التحالفات تُنتِج واقعاً سياسياً غرائبياً، إذ تنعدم الموالاة والمعارضة. ما يعني أن على أهل السلطة أن يتوافقوا، مهما بلغت درجة التنافر والخصومة. وهذا ما تعكسه محاولات تشكيل الحكومة التي باتت تستغرق شهوراً ولا تراعي في عملية التشكيل نتائج انتخابات أو موازين قوى. فأهل السلطة يعملون وفق مبدأ "من حضر السوق باع واشترى". والسوق هو الحقائب الوزارية والتعيينات والمشاريع والصفقات بمعزل عن التحالفات والبرامج.
يصف الوزير والنائب السابق غازي العريضي التحالفات السياسية في لبنان بأنها "شغل مياومة. وطبعاً لا مصلحة للبنان في هذا الشغل، إذ ماذا ينفع إن ربح أي طرف سياسي مقعداً من هنا ومقعداً من هناك، من دون أن ينعكس هذا الربح على المصلحة العامة؟!". ويضيف العريضي لـ"الشرق الأوسط" أن "التحالفات السياسية في لبنان موسمية وغير مكتملة. وهي تفاهمات أكثر مما هي تحالفات، يلتقي أطرافها في مكان ويختلفون في آخر. وهي ليست مبنية على أساس برامج واضحة كما كانت الحال قبل الحرب الأهلية".
أما النائب السابق أمين وهبي، فيقول للصحيفة: "سبب فشل التحالف السياسي بين من يُفترض أن لديهم رؤية سياسية موحدة أن القوى السياسية تخطئ في تحديد أولوياتها، فقد غلّبت الأولويات الحزبية الضيقة على الأولويات الوطنية، لذا جاء قانون الانتخابات الذي شوه النسبية وشوه الأكثرية. والظروف الإقليمية لعبت دورها، ولم يعد من ناظم سياسي لأداء القوى باستثناء حزب الله.
وعن الصيغة الحالية للتحالفات يقول وهبي: "هذه التحالفات بصيغتها الحالية ستؤدي إلى حكومة وحدة وطنية قليلة الإنتاج، وكثيرة التناقض، فهي ستكون مجلساً نيابياً مصغراً بسبب وجود السلاح والظروف الإقليمية".
ولطالما كانت سمة التحالفات السياسية في لبنان بعيدة عن المشروع والمبادئ والرؤية المستقبلية، ويقول الصحافي والكاتب نقولا ناصيف: "في الستينات كانت اللوائح الانتخابية تترجم كتلاً نيابية محكومة بالمناطقية وبمستوى من التحالفات لا نشهده هذه الأيام. حالياً المستوى في الحضيض. والبرلمان لم يكن مشطوراً كما هو حاله اليوم، وإن كان العامل الطائفي موجوداً من دون حدة. وأول تحالف طائفي صافٍ كان التحالف الثلاثي بين الراحلين الرئيس كميل شيمعون رئيس حزب الوطنيين الأحرار، والعميد ريمون إده رئيس الكتلة الوطنية، والوزير بيار الجميل رئيس حزب الكتائب، وعدا هذا الحلف كانت الكتل مختلطة".
ولعل مشكلة الأحزاب اللبنانية أنها تعتمد مبدأ "وان مان شو" رئيسها يبقى مدى الحياة، وتحالفاتها تنبثق من الرئيس وليس من برنامج الحزب، باستثناء "حزب الله" الذي رغم محورية أمينه العام السيد حسن نصر الله، فإن لديه رؤيته وبرنامجه، وأيّاً كانت مرجعيته، يبقى متماسكاً في مواقفه وفي تحالفاته التي أوصلته إلى أن يصبح اللاعب الأقوى على الساحة السياسية.
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا
(الشرق الأوسط)