كتب علي الحسيني في صحيفة "المستقبل": منذ انتصاره على الإرهاب ودحره إلى خارج حدود الوطن، يشهد الجيش تطوراً متسارعاً سواء في أدائه الذي تعكسه العمليات الأمنية التي يقوم بها، أو في عمليات التسليح المتلاحقة التي يحصل عليها من مجموعة دول، وتحديداً من الولايات المتحدة الأميركية المساهم الأبرز لجهة الدعم العسكري واللوجستي الذي يحصل عليه سنوياً. ويُضاف إلى هذه المساعدات، دعم مادي تقدمه وزارة الخارجية الاميركية. وتأتي كل هذه المساعدات لتؤكد المكانة المميزة والمرموقة التي أصبح يحتلها لبنان لدى دول المنطقة وثقتها بمؤسسة الجيش والدور الذي تقوم به. وهذا كله يعود إلى الإنتصار الكبير الذي حققته معركة "فجر الجرود".
قبل أيام تسلّم اللواء اللوجستي في الجيش، كمية من الصواريخ المضادة للدروع، مقدّمة من السلطات الفرنسية، بالإضافة إلى كمية من الأعتدة والأسلحة والذخائر، مقدّمة من السلطات القبرصية. وكان قبلها بفترة وجيزة، قد تسلّم 4 طائرات هجومية من نوع "سوبر توكانو" مقدمة كهبة من الولايات المتحدة، وهي الدفعة الثانية التي يتسلمها لبنان من هذا الطراز، كهبة أيضاً. وللتذكير فقد كان الجيش تسلّم أواخر العام الماضي، طائرتين هجوميتين من الطراز نفسه. وفي سياق الدعم العسكري نفسه، تسلّم الجيش على دفعات ثلاث، آليات مدرعة من نوع "برادلي" والتي يصل مجموعها إلى 32 آلية. وتمثل هذه الأليات استثماراً بقيمة أكثر من 100 مليون دولار من شأنه أن يوفر للجيش، القدرة على حماية لبنان وحماية حدوده بالدرجة الأولى من أي محاولة اعتداء بالإضافة إلى مكافحة الجماعات الإرهابية سواء عند الحدود او في الداخل.
من جملة عمليات التسليح التي حصل عليه الجيش، كانت طائرات "سوبر توكانو" والتي تُستخدم غالباً في عمليات مكافحة التمرد والإرهاب، إضافة إلى تدريب الطيارين. وبما أن قضية الإرهاب والتطرّف اليوم تُعتبر إحدى أبرز المعضلات التي تواجه الدول على اختلافها، ذلك أنّ الإرهاب لم يعد ظاهرة مجرّدة ومنعزلة، بل أضحى مشكلة تستهدف أمن المجتمعات كلّها ولبنان هو احد هذه الدول التي تعرضت للإرهاب على مدى سنوات، فقد تركّز الإهتمام الدولي على دعم لبنان في كافة المجالات كتعويض له عن الأذى الذي لحق به من جرّاء الإرهاب الذي استوطن جروده واستباح أرضه وضربه أكثر من مرّة في أكثر من مكان.
وعلى خط الدعم والإهتمام نفسه، تأتي زيارات قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى الخارج والتي تتكلّل في كل مرة بنجاحات تؤكدها وتُثبّتها الخطوات العملانية التي تُتخذ على صعيدي التسليح العسكري والدعم اللوجستي. في هذا السياق تؤكد مصادر عسكرية لـ "المستقبل" أن "زيارة قائد الجيش إلى الولايات المتحدة منذ أيّام، تأتي ضمن توجه روتيني يعتمده الجيش الأميركي كل عام كمراجعة للمساعدات التي يُقدمها لبعض الدول. وهدف الزيارة كان اللقاء بين قائد الجيش والوفد المرافق من الضباط مع وفد من الجيش الاميركي لمراجعة هذه المساعدات وتقييمها بالإضافة إلى وضع خطة مستقبلية لمزيد من المساعدات، وعلى أساسها تقوم الجهة الأميركية بتقييم الوضع والإمكانيات التي تسمح لها بمد الجيش اللبناني بمزيد من الدعم العسكري واللوجستي".
وأكدت المصادر أن لقاءات هامة جداً جرت بين قائد الجيش وشخصيّات أميركية بحضور السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيت ريتشارد التي واكبت الزيارة منذ بدايتها، وقد تخللتها تأكيدات على استمرار دعم الجيش اللبناني كشريك استراتيجي في المنطقة وخط الدفاع الاول في وجه الإرهاب"، مشددة على أن "عملية فجر الجرود كان لها دور أساسي في هذه اللقاءات لما لها من اهمية بارزة في عملية دحر الإرهاب، خصوصاً وأن لبنان هو الوحيد بين الدول العربية الذي تمكّن من الإنتصار بشكل كامل على الإرهاب بفترة قصيرة، حيث كان للمساعدات الأميركية دور بارز ودقيق في هذه العملية. ومن هنا جاء التقييم ليؤكد على مكانة الجيش والدور الكبير الذي لعبه في مواجهته الجماعات الإرهابية في المنطقة".
وتكشف المصادر أن "ما سمعه الوفد العسكري اللبناني بقيادة قائد الجيش العماد جوزف عون، من استمرار عمليات الدعم للجيش اللبناني والتنويه بمناقبيته وبالدور الذي يقوم به وحتى اعتماده شريكاً أساسياً في مواجهة الإرهاب، وصولاً إلى عملية تثبيت الأمن والاستقرار التي نجح بها في لبنان، يدحض كل الكلام الذي يدّعي تراجع المساعدات من الجانب الأميركي للبنان". وعلى خط تقدير الخطوات التي يقوم بها الجيش، فإن انتصاره في معركة "فجر الجرود"، لا يعني على الاطلاق أن البلد أصبح في منأى عن الإرهاب، ولذلك تؤكد المصادر أن "بؤر الإرهاب ما زالت ضمن أولويات واهتمامات المؤسسات الامنية في لبنان، ولا سيّما مؤسسة الجيش ومديرية المخابرات، والتي ما زالت حتى اليوم تقوم بعمليات متعددة ومتنوعة تُسفر عن القاء القبض على مطلوبين بتهمة الإرهاب أو التنسيق مع الجماعات الإرهابية، او ممن كانوا قد شاركوا بعمليات على الأراضي اللبنانية".
ومن جملة ما كشفت عنه المصادر أن "الوفد العسكري اللبناني سمع من أكثر من جهة أميركية كلاماً مفاده أن الجيش اللبناني هو من أفضل الجيوش في العالم، وأن الولايات المتحدة الأميركية أشرفت على تدريب ما يُقارب الثلاثين جيشاً لكن الجيش اللبناني هو الأفضل على الإطلاق. وأكثر ما سمعه الوفد اللبناني من مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية هو عبارة: نحن فخورون بأن نكون شُركاءكم. كما وعد المسؤولون الأميركيون بالعمل على خط الكونغرس لكي لا يكون هناك أي قطع للمساعدات الاميركية للجيش اللبناني".
(علي الحسيني - المستقبل)