تتأرجح مواقف القوى السياسية من ملف النازحين، فثمة من يؤكد أن عودة السوريين ضرورية وتستوجب الحوار والتنسيق مع الحكومة السورية وثمة من يقول إن عودتهم يجب أن يتم بحثها مع الأمم المتحدة، بعيداً عن "تعويم" النظام السوري.
من المفترض أن تضع الحكومة العتيدة عنوان "أزمة النزوح" في صلب أولوياتها، في ضوء الحراك الدولي – الإقليمي حيال سورية، وتشابك الملفات الكبرى العابرة للاقليم. فأزمة النزوح تشكل أولوية الأردن، في ضوء ما يجري في الجنوب السوري من تطورات ميدانية. فالعملية العسكرية في درعا دفعت عشرات الآلاف إلى مغادرة قراهم؛ لكن على غرار الغوطة الشرقية على وجه التحديد وجنوب دمشق، فان العملية العسكرية، بحسب مصادر متابعة للملف لـ "لبنان24" ستنجز بالسرعة القصوى، بالتوازي مع إجراءات وتدابير لاستيعاب النازحين ضمن الداخل السوري.
هذه التطورات ستبلور واقعا جديدا في ملف النزوح على الصعيد اللبناني، وربما يدفعه إلى طريق أكثر انتاجية، ويضعف قدرة الفريق الرافض التنسيق مع النظام، من الثبات على مقاربته الملف منذ سنوات مضت، لا سيما أن ما تمخض عن مؤترات دعم، لا سيما مؤتمر بروكسل قطع الشك باليقين أنّ فترة إستضافة السوريين في لبنان أسوة بالدول المضيفة الأخرى ستطول الى أمد غير مسمّى.
وعليه، فإن معالجة "الازمة النزوحية" لا تبدو على الابواب، فهي مرتبطة بحل سياسي لا يلوح في الأفق القريب.
لقد نقلت حكومة تصريف الاعمال معاناة لبنان والتحديات التي يواجهها إلى الموفدين الاوروبيين والاميركيين والعرب، ولا ينفك رئيس الجمهورية عن مطالبة المجتمع الدولي بالمساعدة في حل أزمة النازحين وعدم انتظار الحل السياسي .وهدد وزير الخارجية جبران باسيل المفوضية العليا لهيئة اللاجئين بتجميد إقامات فريق عملها الأجنبي في حال لم تقدم رؤية منظمة عن كيفية العودة الامنة للنازحين السوريين الى بلادهم. حتى الساعة كل ذلك لم يجد نفعا، لغاية في نفس المجتمع الدولي.
بالنسبة لحزب الله، الصرخات اللبنانية لم تفعل فعلها حتى الساعة. ولم تبدل تبديل في الموقف الغربي. ولهذه الغاية اعلن الدخول على خط المساعدة لحل هذه الأزمة، من منطلق أن الوضع يزداد تعقيدا ولبنان لم يعد يحتمل، فالتداعيات الاقتصادية والاجتماعية كارثية.
قرر حزب الله الاستفادة من حيثية علاقته بالنظام السوري لتقديم كل ما يلزم في هذا الملف الشائك، فشكل لجنة برئاسة النائب السابق نوار الساحلي للاهتمام بهذا الملف بالتنسيق مع الحكومة السورية، مع إشارة أوساط سياسية إلى أن قرار السيد نصر الله يلقى ترحيب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر.
يريد حزب الله إحداث خرق نوعي في الشأن السابق الذكر، بالاستناد إلى دوره في الحكومة والاعتبارات الخاصة الحاكمة علاقته بالحكومة السورية، ووجوده ضمن الجغرافيا اللبنانية – السورية المتصلةبمناطق النزوح، فضلا عن كونه عامل ثقة وطمأنة للنازحين من خلال علاقته مع النظام السوري ووجوده على الارض في بعض مناطق، تقول مصادره لـ"لبنان24". وعلى هذا الأساس سيجهد الحزب الى تأدية دور مناقض للدور الذي تقوم به مفوضية اللاجئين الساعية عمليا، بحسب المصادر نفسها، لترهيب النازحين من العودة، بيد ان حزب الله سيسعى الى ترغيبهم بالعودة بناء على ما يملكه من قدرة عملية. فحزب الله والجيش السوري بإمكانهما تكييف ظروف انتشارهم العسكري والمعركة مع العدو الاسرائيلي بما لا يتناقض مع عودة السكان إلى أية بقعة في سورية.
وعليه من المتوقع أن يعلن حزب الله في بيان خلال ساعات، بحسب ما أكد الساحلي لـ"لبنان24" الخطوات العملانية للمهمة المنوطة بالهيئة في مرحلتها الأولى، حيث سيتم الإعلان عن المكاتب التي ستستقبل الطلبات والتي ستتوزع بين الجنوب (بين 3 و 4 مكاتب) البقاع (3 مكاتب) والضاحية (1 ) كخطوة أولى، على أن تزود هذه المراكز بكل أجهزة الاتصال والتواصل.
ما تقدم من شأنه أن يدفع النازحين الراغبين بالعودة، المجيء إلى هذه المكاتب وتعئبة الاستمارات المطلوبة، من أجل إرسالها إلى المعنيين في الدولة السورية لدرسها، بغض النظر عن أن حزب الله تلقى، بحسب النائب الساحلي، وعدا من النظام أنه سيكون متجاوباً قدر الامكان، على أن يبادر حزب الله في مرحلة لاحقة إلى الذهاب للمخيمات للغاية نفسها.
نظريا، يرغب النازحون بالعودة. أما عمليا، فإن الانتظار سيكون سيد الموقف لخطوة حزب الله ليبنى على الشيء مقتضاه. فالمنظمات الدولية تشجع النازحين على البقاء حيث يتواجدون من خلال تقديمها لهم الدعم المالي، بدل تشجيعهم على العودة ومساعدتهم على أرضهم.
قبض حزب الله على زمام المبادرة جراء تقاعس الحكومة عن القيام بواجباتها. ولذلك لا يمكن لأحد الادعاء أن الحزب يتخطى الدولة، يؤكد الساحلي. فحارة حريك ستعلن انتهاء المهمة التي القتها على نفسها، لحظة إعلان الحكومة جهوزيتها لحل هذا الملف.