كتب وليد شقير في صحيفة "الحياة": في انتظار عودة الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية سعد الحريري من السفر في الساعات المقبلة وكذلك رئيس البرلمان نبيه بري، لتحريك اتصالات عجلة تشكيل الحكومة، انكسرت الجرة بين "التيار الوطني الحر" و "القوات اللبنانية" بعد انكشاف "اتفاق معراب السري" وتبادل الاتهامات من العيار الثقيل بين قيادات الفريقين بخرقه، فضلاً عن أن بنوده تركت تداعيات تتعدى العلاقة بينهما على الصعيد المسيحي لتمس الوضع السياسي الداخلي برمته، وتزيد من تعقيدات تأليف الحكومة وتقوض حلحلة عقد التمثيل التي كانت الجهود انصبت على البدء بمعالجتها عبر التهدئة الإعلامية التي سقطت بعد ساعات على الاتفاق عليها خلال زيارة رئيس حزب "القوات" سمير جعجع للرئيس ميشال عون والتي أعقبها إيفاد الأول وزير الإعلام ملحم رياشي للقاء رئيس "التيار الحر" الوزير جبران باسيل، تحت سقف إصرار الفريقين على صون المصالحة بين المسيحيين.
ويقول مصدر سياسي محايد لـ "الحياة" إن "انفلات الخصومة أخذ يدل إلى أن ما بين الفريقين أكثر من خلاف على المقاعد الوزارية والحصص وتفسير "اتفاق معراب"، وهو أمر من الطبيعي أن يعيد الأمور إلى الوراء في عملية تشكيل الحكومة. ويتفق المصدر نفسه مع أحد وزراء الحكومة الحالية على القول إن كشف اتفاق معراب أوضح كم أنه جاء على حساب الآخرين مسيحياً، إن لم يكن لإلغائهم، أو على حساب العلاقة مع الطوائف الأخرى في البلد، فهو يضع حدوداً بين الطوائف، ويتمثل بالثنائية الشيعية التي لا تفسح في المجال لقوى أخرى في الطائفة.
وبصرف النظر عن تقويم نص الاتفاق فإن مصادر متعددة معنية بتأليف الحكومة تعتبر أن الذروة التي بلغتها الأزمة باتت تتطلب مبادرة ما من الرئيس عون. فكيف سيتعاطى مع هذا التأزم الذي يعيق ولادة الحكومة التي يعتبرها حكومة العهد؟ وتقول إن الرئيس المكلف خياره واضح هو قيام حكومة وفاق وطني ويتمسك به وبإشتراك "القوات" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، الذي دخل "التيار" والرئيس عون في خلاف معه حول التمثيل الدرزي.
توقيع باسيل... والتحالفات
ويعتبر مصدر وزاري أن الخروج من الأزمة الحالية بات يتطلب ابتداع حل ربما بالعودة إلى صيغ الحكومة المصغرة التي كانت تعتمد قبل عقود وكانت منتجة كثيراً، فيما يرى مصدر سياسي متابع لاتصالات التأليف أن المخرج قد يكون حكومة مصغرة من تكنوقراط يسميهم الفرقاء السياسيون ولا يكونون بعيدين عنهم.
مصدر نيابي في "التيار الحر" لا يخفي أن الخلاف السياسي الكبير بين الجانبين أنهى التحالف بينهما "ويجب ألا نختبئ وراء أصبعنا". ويقر بأن اتصالات "التيار" لا تستبعد البحث بصيغ تعاون مع قوى أخرى على الساحة المسيحية، خصوصاً أن اتصالات تجري مع "الكتائب" لاستكشاف هذه الإمكانية.
أما من جهة "القوات" فإن أوساطها القيادية ترى أن باسيل أجهض ما اتفق عليه عون وجعجع اللذان تمسكا بالمصالحة، وأخذ الثاني بنصيحة الأول بالتواصل مع باسيل تمهيداً للقائهما، وحجته في حملته عليها أنها ضد الرئيس عون والعهد "لأننا وقفنا ضد البواخر وأننا ضد الحريري حين انتقدنا الحكومة بسبب عدم تطبيق النأي بالنفس من قبل "حزب الله"، والتي انتهت بتأييدنا عودة رئيس الحكومة عن استقالته حين جرى تجديد التوافق على النأي بالنفس".
وقال مصدر متابع عن كثب لملف العلاقة بين "التيار" و "القوات" إن نشر اتفاق معراب يقود إلى 3 استنتاجات:
- موقف "القوات" من التمثيل الوزاري في الحكومة يستند إلى اتفاق خطي واضح حول تقاسم المناصب الوزارية.
- باسيل لا يلتزم توقيعه وتعهداته منذ انتخاب عون رئيساً وانقلابه على الاتفاق، فيما "القوات" بقيت حريصة على المصالحة وعلى دعم العهد مع انطلاقته.
- باسيل يعتمد الازدواجية في التعامل مع حلفائه فهو وقّع على اتفاق معراب بما يتضمنه، فيما هو ملتزم بتفاهمات أخرى مع أطراف أخرى، وبمضامين مناقضة، منها اتفاق مار مخايل مع "حزب الله" عام 2006.
(الحياة)