بعد تغييب طويل، لم تكشف أسبابه وظروفه وتفاصيله بعد، تعود ذخائر القديسة مارينا اليوم إلى الأرض التي عاشت عليها وقدّستها بما تحمّلته من ظلم "ولم تفتح فاها" على غرار من نذرت له نفسها.
هذه القديسة اللبنانية، التي كانت باكورة القديسين في أرض الطهارة، أصبحت عنوانًا لكل مظلوم بريء، وهم في الأرض كثر، لأن فيها ايضًا أمثال من أتهم الأخت مارينا زورًا وبهتانًا. فلو لم يكن هناك من ظالم فما كان بين الناس مظلومون ومتهمون بشتى أنواع الذنوب التي لم يقترفوها، وهم غير قادرين على إثبات براءتهم، أو بالأحرى لا يُترك لهم مجال للإعتراض أو الإحتجاج.
يكفي أن نلقي نظرة على السجون لنرى بأم العين كم فيها من مسجونين أبرياء، على عكس المبدأ الإنساني والعدلي الذي يقول أن المتهم بريء حتى إثبات إدانته وليس أن المتهم مدان حتى إثبات براءته، بإعتبار أن المفترين كثر، وهم حاضرون وناضرون لفبركة قضايا وملفات ضد أشخاص لا ذنب عليهم سوى أنهم ربما ينافسون المفترين عليهم، وذلك نظرًا إلى كفايتهم ونجاحهم.
من مطار بيروت تعبر ذخائر القديسة اللبنانية أرضًا لم تطأها قدماها يومًا لتصل إلى حيث عاشت وعانت وتحمّلت الإزدراء، قبل أن يكتشف الرهبان الذين حكموا عليها العيش خارج الدير مدى قداسة هذه الراهبة، التي فضّلت أن تعيش الفضائل المسيحية بصمت وتواضع.
إلى وادي قنوبين، أي وادي القديسين، تعود مارينا وهي تحمل معها رسالة إلى جميع المتجبرين والظالمين تقول فيها أن ساعة الحقيقة لا بدّ آتية مهما طال الزمن، وأن المظلوم ستثبت براءته مهما تآمر عليه المتآمرون وتآلبوا عليه.