تحت عنوان: "رسالة من المساجين إلى "سفير الشمال": نحن في غوانتامو القبة"، كتب عمر إبراهيم في "سفير الشمال": لم يعد الحديث عن سوء أوضاع بعض السجون اللبنانية بالأمر الجديد، نظراً لكثرة ما تمّ تداول هذه القضية عبر وسائل الإعلام المحلية وحتى العالمية، من دون أن يحرّك ذلك ساكناً لدى المسؤولين لإيجاد حلول ناجعة بدلاً من عمليات "التجميل" التي تحصل من وقت لآخر وعوضاً عن محاولات الدفاع التي ينبري لها بعض المسؤولين في معرض الرّد على الانتقادات.
لعلّ سجن القبة هو واحد من تلك السجون التي كانت شهدت حالات تمرّد سابقة وربما بحسب السجناء يحتاجها اليوم لإعادة تذكير السلطة السياسية الغارقة في خلافاتها، بالقنابل الموقوتة الموجودة خلف قضبان زنازينه الضيقة والمظلمة التي يقبع فيها سجناء بعدد أمتارها.
وعود كثيرة تلقاها السجناء مع كل انتفاضة أو ضغط يمارسونه، لكنّها لا تجد ترجمتها على أرض الواقع إلا في ما ندر من بعض التحسينات التي لا تغير من واقع الحال الذي يعانيه السجناء الذين عبروا عنه في رسالة حملت الكثير من الشكاوى، لكن أخطر ما كتب فيها هو التوصيف الذي أطلقوه على السجن "غوانتنامو القبة".
الرسالة التي خَص بها السجناء "سفير الشمال" حاولوا من خلالها إعطاء فكرة عن معاناتهم بدءاً بواقع السجن حيث أكّدوا أنّهم يعانون الأمرّين بسبب انقطاع الكهرباء المستمر والإزدحام فضلاً عن نقص الدواء وعدم تلقي العلاج المطلوب والذي وفق هؤلاء كان تسبب بوفاة أحد السجناء قبل أيام.
ولم ينسَ السجناء التطرق إلى ظروفهم الاقتصادية الصعبة التي تحول دون قدرتهم على شراء ما يحتاجونه من السجن بسبب غلاء الأسعار إلى أضعاف، مشيرين إلى ما يشبه التواطؤ بين السجّان وصاحب محل البيع في السجن، حيث يمنعون من إدخال الكثير من حاجياتهم لإجبارهم على شرائها من السجن.
أمور كثيرة تطرقت إليها الرسالة، ومنها سوء المعاملة للسجين وأهله، خلال المواجهة، فضلاً عن انتقاد المحاكمات البطيئة ومطالبتهم بضرورة الإسراع في إيجاد معالجات ناجعة لكثير من ملفات السجناء التي تحتاج إلى إدغام في الأحكام، أو الانتقال من دوائر التحقيق إلى المحاكم ذات الإختصاص للبت فيها، فضلاً عن الغرامات التي تزيد على السجناء سنوات فوق سنوات عقوباتهم لتضاعف من المعاناة.
قد لايختلف سجن القبة عن سجون أخرى تعاني نفس المشاكل من اكتظاظ المساجين إلى نقص الخدمات الضرورية، لكن هذا الواقع المأساوي لا ينطبق على سجون أخرى تعتبر "خمس نجوم" وهي سجون تقع معظمها في الأقضية، أو في مدن أخرى، ويتم نقل السجين "المدعوم" إليها، في حين يرمى بالآخرين ولو كانت التهم التي يحاكمون بها مجرد جنحة في سجن القبة، ويتركون لمواجهة مصيرهم، إما بالرضوخ للأمر الواقع او الانتقال الى الشغب، وهو ما حذرت منه الرسالة.
يذكر أنّ سجن القبة الذي يضم حالياً مئات السجناء، هو مبنى قديم وصغير في ثكنة انطوان عبيد الملاصقة لمباني الفروع الشمالية في الجامعة اللبنانية والتي بنيت في عهد الانتداب، حيث كان الجيش الفرنسي يستخدمها كثكنة عسكرية تضم مواقف للسيارات وإسطبلاً للخيول، وقد استمرت هذه المباني على حالها وشهدت إدخال بعض التحسينات عليها لكنها لم تكن كافية لرفع الاهمال عنها.
(عمر إبراهيم - سفير الشمال)