كتب ناجي سمير البستاني في صحيفة "الديار": في الوقت الذي يعتبر "تيّار المُستقبل"، ومعه كل من حزب "القوات اللبنانيّة" و"الحزب التقدمي الإشتراكي" أن لا جديد يُبرّر إعادة تطبيع العلاقات بين لبنان وسوريا، ويُشدّدون جميعهم على ضرورة التقيّد بموقف جامعة الدول العربيّة في هذا الصدد، يعتبر كل من "حزب الله" و"حركة أمل" ومعهما "التيّار الوطني الحُرّ" وغيره من القوى الفاعلة أيضًا، أنّ الوقت حان لتصفية العلاقات اللبنانيّة من الشوائب التي سادتها إعتبارًا من العام 2005.
مصادر سياسيّة مُطلعة على التحوّلات الحاصلة على صعيد العلاقات اللبنانية ـ السورية الثنائية، لفتت إلى أنّ الفريق المُؤيّد لإعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، اليوم قبل الغد، ينطلق من جملة من المُبرّرات:
أوّلاً: ضرورة ضبط الأمن الحدودي بين لبنان وسوريا، ومنع عمليّات التهريب على أنواعها، وهذا الأمر لا يُمكن أن يتمّ من دون التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري، كلّ من الجهة الحُدودية التي ينتشر فيها.
ثانيًا: ضرورة إعادة النازحين واللاجئين السوريّين في لبنان على دُفعات، وتبعًا لمناطق سكنهم السابقة، وهذا الأمر يحتاج إلى تنسيق أمني ولوجستي مع السُلطات الرسميّة السورية المعنيّة.
ثالثًا: ضرورة تسهيل عمليّات نقل البضائع من مرفأ بيروت إلى الأسواق العربيّة كافة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المنتجات اللبنانيّة، ما يسمح للبنان بالعودة إلى الكثير من الأسواق العربية بدون عناء.
رابعًا: ضرورة إنهاء حال العداء العلني مع النظام السوري، لأنّ عمليّات إعادة إعمار سوريا ستنطلق في المُستقبل القريب، ولبنان يملك فرصة تاريخيّة لتحريك مجموعة كبيرة من قطاعاته الإقتصادية والصناعية.
خامسًا: ضرورة التخلّص نهائيًا من الموقف العدائي تجاه النظام السوري، ما يستوجب على السُلطة الرسميّة في لبنان عدم إتخاذ مواقف غير مناسبة ستُبعدها بالتأكيد عن أي دور مُمكن أن تلعبه في الحلول المُقبلة لسوريا والمنطقة، مع ما يحمله هذا الأمر من مخاطر توطين ومن تحمّل لأعباء كثيرة لبنان في غنى عنها.
وأشارت المصادر إلى أنّه في المُقابل، بالنسبة إلى "المُستقبل" و"القوات" و"الإشتراكي"، فمُعارضتها التطبيع مع النظام السوري ينطلق من جملة من الأسباب المُختلفة، أبرزها:
أوّلاً: لا حاجة لتقديم أي "شيكات على بياض" للنظام السُوري، بشكل يسمح بتعويم هذا النظام من دون العودة بأي فائدة عمليّة على لبنان، بل بالعكس التسبّب بتدهور في علاقاته مع العديد من الدول العربيّة والغربيّة.
ثانيًا: التنسيق الأمني واللوجستي حاصل بحكم الأمر الواقع، في ما خصّ ضبط الحدود وإعادة النازحين وتمرير البضائع، وبالتالي لا حاجة لإرفاق هذا الأمر بمكسب سياسي مجاني للنظام السُوري.
ثالثًا: إنّ تفرّد أي جهة أو طرف بموضوع خلافي على المُستوى الداخلي، من شأنه أن يعيد لبنان إلى مرحلة الإنقسام العمودي التي أتعبت الجميع وأرهقت الإقتصاد اللبناني وعرّضت إستقرار لبنان الأمني والسياسي للإهتزاز.
رابعًا: على لبنان مواصلة التقيّد بسياسة النأي بالنفس، في إنتظار الحُلول المرتقبة للملف السوري ولغيره من الملفّات الشائكة في الشرق الأوسط.
خامسًا: إنّ النظام السوري لم يتخذ أي مُبادرة إيجابيّة تجاه لبنان، ليلاقيه هذا الأخير بمبادرة إيجابية مُماثلة.
وتوقعت المصادر أن يكون موضوع تطبيع العلاقات بين الدولة اللبنانية والدولة السُورية، أحد أبرز المواضيع الخلافية على طاولة مجلس الوزراء المُقبل، مُشيرة إلى أنّ هذا الأمر هو أحد الأسباب التي تدفع الرئيس المُكلّف سعد الحريري إلى المُخاطرة في تأخير تشكيل الحُكومة.
(الديار)