لم تسفر قمة "هلسنكي" بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين الى خارطة طريق واضحة حيال الازمة السورية على رغم احتفاء الطرفين بنجاح محادثاتهما. فما جمعته المصالح الحيوية للقطبين في أرجاء العالم من الشرق الاقصى حتى القطب الشمالي من تقاسم لثروات الغاز والنفط فرقته الحسابات المتناقضة في الشرق الاوسط.
فعلى رغم تنظيم الخلاف حيال كثير من الملفات المتصلة باللازمة السورية، وعلى رغم دنو الحل النهائي بعدما بدأت الحرب الاهلية تحط رحالها جراء اتفاقات إقليمية متفرقة، لا يزال الدور الايراني في سوريا حتى الآن نقطة خلاف جوهرية بين اميركا و روسيا. فالجانب الاميركي لا يزال على موقفه الرافض لأي دور إيراني في الحل السوري كما تصر واشنطن على تقويض النفوذ الايراني إقليميا.
فأميركا لا تزال تترقب كيفية تعامل روسيا بإبعاد إيران والميلشيات الشيعية قبل إتمام اتفاقات الجنوب السوري. فسيطرة جيش النظام على محافظتي درعا والقنيطرة باستثناء بعض الجيوب التي تسيطر عليها "داعش" لم تؤمن نصرا كاملا يمكن أن يعول عليه لصالح الرئيس بشار الاسد، و كذلك الامر بالنسبة إلى عودة سلطة الاسد الى لمحافظات الرقة وإدلب وحلب، والتي تحتاج الى اتفاقات شاملة دون المصالحات الجزئية التي تفرض نفسها احيانا.
في هذا الاطار، ترفض واشنطن اخلاء قواعدها العسكرية في شرق ووسط سوريا لصالح النظام كما هو حاصل في الجنوب، وتوكل الى دول الخليج مهمة التشدد في عودة مناطق شاسعة لكنف النظام السوري، كما إشهار سيف نشر قوات عسكرية عربية في المناطق التي يتم استعادتها من "داعش" و"جبهة النصرة" تحت شعار مكافحة الارهاب واستئصال المجموعات المتطرفة.
بالمقابل، تتمسك روسيا بإبعاد مصير الاسد عن أي نقاش متعلق بمستقبل النظام. فموسكو لا تزال على رؤيتها بكون بقاء الاسد أو رحيله منوط بقرار الشعب السوري، وبالتالي لا بد من رعاية عملية سياسية كاملة تعقب وقف شامل للعمليات العسكرية تشمل إنتخابات برلمانية و تشكيل حكومة وحدة وطنية. من هنا التركيز الروسي على الاشراف المباشر على تعيين اللجنة الدستورية و كل ما يتصل في النقاش الدائر بين النظام و المعارضة وصولا لتسوية شاملة.
مصدر مقرب من دائرة الرئيس بشار الاسد يرفض توصيف إيران ودورها كعقدة تعترض سبيل إتمام التسوية السياسية في سوريا، بقدر ما يضع الامر بإطار السياسة الاميركية القائمة بتقديم مصالحها الاقتصادية ومصلحة إسرائيل على كل ما عداها في المنطقة، و يؤكد المصدر بأن تجاذب روسيا مع اميركا حيال ايران و دورها لا ينحصر في سوريا بقدر ما يشمل ارجاء العالم العربي، خصوصا أن لدول النفط في الخليج الدور الابرز بتقليب العالم على ايران والتي تشكل سوريا ساحتها الابرز.