تحت عنوان: "إحذروا جيل فانيسا"، كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": بغض النظر عن اللّغط الذي رافق تصرف الطالبة في جامعة "AUL" - فرع الكسليك، تجاه وزير الخارجية النائب جبران باسيل، بعدم مصافحته وأخذها الشهادة منه عنوة، ورفضها التقاط الصورة معه، وسواء كانت الطالبة التي اقدمت على هذا التصرف "الجريء" وغير المسبوق في حفلات التخرج، هي فانيسا بستاني أو فانيسا بدران، فإنّ ما حصل يحمل مؤشرات خطيرة جداً عن الحقد المتنامي بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر"..
قد يكون هذا التصرف مجرد "طيش" شباب، لكنّه يختزن في مضمونه كثيراً من المعاني السياسية التي لا يجوز القفز فوقها في شارع مسيحي يغلي شعبياً، ويتخلّى شبابه عن كل اللياقات، من دون أن يبادر أي من القيمين على "القوات" و"التيار" معاً إلى تبريد أرضية هذا الشارع، أو حتى التفتيش عن قواسم مشتركة يمكن أن تعيد وصل ما انقطع فيه، أو أن تعيد الحياة إلى "تفاهم معراب" الذي يتسابق كثيرون من عرابيه إلى نعيه تمهيداً لدفنه.
لقد استبشر المسيحيون خيراً بـ"تفاهم معراب" الذي استبدل العداء التاريخي بين "القوات" و"التيار الوطني الحر" بأخوّة، وتعاون مشترك، لكن يبدو أن الطبع لدى الطرفين غلب التطبع، وبدا أن كلاً من الفريقين يريد تفصيل التفاهم على قياسه، وتفسيره ووفق مصلحته، فـ"التيار" يريد أن يحكم "القوات" بالتفاهم، و"القوات" تريد أن تتقاسم مكاسب السلطة مع "التيار" من دون أن تخضع لشروطه، لذلك فقد أخفق الفريقان في ترجمة بنود التفاهم فلا "القوات" دعمت "التيار" أو "العهد"، ولا "التيار" أعطى "القوات" نصف مكاسبه من السلطة، لتتجدد الخلافات وتعود المتاريس ويستأنف القصف السياسي الذي بدأ يحرض ويشحن النفوس، ويهدد في حال استمراره بما لا يحمد عقباه.
في نظرة سريعة إلى مواقع التواصل الاجتماعي تتبدّى الأحقاد المسيحية بوضوح، وما يقوله المسؤولون من الطرفين همساً أو غمزاً أو تلميحاً، يكتبه ويسجله المغردون تصريحاً، مستعينين بذكريات الماضي الأليم، وبمفردات الحرب والدم والإلغاء، فضلاً عن تبادل الاتهامات والشتائم التي لم يعد مستبعداً في حال استمرت بهذه الوتيرة أن تنفجر في الشارع وعندها ليس من ساعة مندم.
لقد قدمت الطالبة فانيسا البستاني أو بدران (ليس مهما اسم العائلة) نموذجاً عن الحقد الذي يملأ قلوب أخطر شريحة في المجتمع وهي الشباب والخريجين، لأنّ تلك الأحقاد من شأنها أن تتنامى وتكبر وصولاً إلى حدود الانفجار وضرب مستقبل الوطن برمته، خصوصاً أن هذه الشريحة لم تعش الحرب، ولَم تختبر ويلاتها ومآسيها وكوارثها، وهي يبدو انها مستعدة لأن تخوضها مجدداً، إذا لم تجد من يهدّئ من روعها، ومن يعطيها جرعات من الوعي والحكمة ومن دروس السلم الأهلي، لكن إذا كان المعنيون في "التيار" و"القوات" يمعنون من إطلاق المواقف النارية وفي التحريض والشحن، فلا لوم على جيل الشباب في تنفيس هذا الاحتقان في أماكن مختلفة.
لقد تجرّأت فانيسا على وزير الخارجية جبران باسيل رئيس أكبر تكتل نيابي مسيحي، انتصاراً وانتقاماً لـ"القوات اللبنانية"، وهذا الانتقام قد يعمّ بأشكال مختلفة بين صفوف أصحاب الرؤوس والدماء الحامية بدءاً من الجامعات مروراً بالمدارس وصولاً إلى الشوارع والأحياء، وعندها سيخسر الجميع وتنتصر الفتنة.
لكلِّ ذلك، وقبل فوات الأوان.. إحذروا جيل فانيسا!..
(غسان ريفي - سفير الشمال)