تعاني مشكلة تنظيف حوض الليطاني من تباطؤ غير مبرر في تنفيذ الأعمال المقررة وفقاً للقانون 66 الصادر عن المجلس النيابي في العام 2017، رغم المتابعات الحثيثة التي قامت بها الحملة الوطنية لحماية حوض الليطاني والوعود التي انتزعتها من الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في تسريع عجلة التنفيذ وإطلاق يد أجهزة الدولة على المتعدين على النهر والبدء بمعالجة بحيرة القرعون. وهي التصويات التي كانت قد توجت بها الاجتماعات الثلاث في السراي الحكومية.
لقد راجعت الحملة الوطنية لحماية الليطاني مجلس الانماء والاعمار، بيد أن الاخير أجابها بأنه يقوم بتوسيع شبكات الصرف الصحي في البقاع الاوسط تنفيذا للقرض الدولي المقدر بـ55 مليون دولار، والقيام بتلزيمات في ما يتعلق بمحطة تمنين ودراسات في ما يخص محطة القرى المحيطة بالعين الزرقا.
ما تقدم، لا يجاري، بحسب المعنيين، حجم المشكلة المتفاقمة في النهر. فجوهر الأزمة يكمن في أن مهلة السبع سنوات المقرة في القانون 66 والتي انقضى منها سنتان، هي مهلة متباطئة بل خطيرة لا تأخذ بعين الاعتبار حجم التداعيات الصحية والبيئية والسياحية.
إن المنشات السياحية على طول مجرى "الليطاني" في الجنوب، باتت مشلولة. حوض النهر تحول إلى حوض ميت بيئياً وسياحيا. فمحطة الطيبة التي تغذّي 54 بلدة في قضاءي مرجعيون وبنت جبيل تعاني من أعطال متتالية بسبب العكر الممتد على مدى عشرات الكيلومترات، فضلا عن الطمي المتراكم في قعر النهر. بيد أن المسالة أصبحت، وفق المعنيين، أكثر خطورة في ضوء مشروع قناة 800 التي وصلت قناته إلى بلدة ميس الجبل قاطعة ثلثي المسافة المقررة التي من المفترض أن تنتهي في غضون سنتين. فالمشروع الذي تفوق كلفته الـ250 مليون دولار في مرحلته الأولى يقضي بنقل 110 مليون متراً مكعباً من بحيرة القرعون إلى بلدات الجنوب على منسوب 800 متراً، لكن بحيرة القرعون في وضعيتها الراهنة غير صالحة للاستفادة منها، فضلا عن تدني منسوبها بصورة خطيرة، الأمر الذي يستدعي معالجتها سريعاً وعدم انتظار إنجاز الأعمال المتعلقة في البقاع والتي وردت في القانون 66 . فالتقاعس في متابعة المشكلة رسمياً، تعيده الحملة الوطنية إلى عدم وجود مرجعية واحدة في متابعة هذا الملف؛ فالمسؤولية موزعة على عدد كبير من الوزارات والمصالح، بالإضافة إلى غياب الحوكمة في إدارة مصلحة مياه الليطاني وغياب المسؤولية عند المعنيين في السلطة.
ما تركز عليه الحملة الوطنية في مطالبها الجوهرية، يتمثل بضرورة اتخاذ الحكومة قراراً استراتيجياً، وتفاهم الرئاسة الأولى ورئاستي مجلس النواب والحكومة على ضرورة إنجاز الأعمال كافة المتعلقة بالحوض الأعلى في البقاع في غضون سنتين بما فيها بحيرة القرعون، وعدم انتظار خمس سنوات أو وسبع سنوات أو أكثر.
ما تقدم، شكل، محور لقاء عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم الخميس الماضي في قصر بعبدا. وخلال اللقاء قال فياض للرئيس عون "المؤسسات المعنية بالليطاني بدا فركة ديني من فخامتك، فرد الرئيس عون قائلاً: لا بدن ضربة عصا". وفي السياق طلب فياض موعداً من الرئيس الحريري ووزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال سيزار أبي خليل للهدف ذاته، علماً أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري في جو المعطيات السابقة الذكر.
حتى الساعة، لا تكترث السلطة إلى كارثة الليطاني. جولة الحملة الوطنية لإنقاذ النهر على المعنيين لم تصل حتى الساعة إلى الغاية المرجوة. لم تجد جدية عند المعنيين لقطع دابر التعديات على النهر، فضلا عن التباين بين مجلس الإنماء والإعمار والوزارات المعنية بالملف لجهة كيفية التنظيف والمعالجة.
ليبقى السؤال من سينقذ "الليطاني" من المعتدين على النهر والبيئة والإنسان؟