للمدمنين قصص كثيرة وغريبة، جميعها تدمي القلوب. قد يلجأ بعض المدمنين إلى تعاطي المخدرات بسبب مشاكل نفسية، لكن البعض الآخر يفعل ذلك بغية الاستمتاع فحسب، ولو كلفه ذلك حياته. أما "حسن" (32 عاماً) الأب لوَلدين فلجأ الى الهيرويين هرباً من المسؤولية بعدما وجد نفسه يتيماً وأسيراً للتعاطي!
قصة "حسن" (اسم مستعار)، أو مأساته، بدأت عندما تناول أول جرعة من الهيرويين، أخطر أنواع المخدرات، في العام 2007، ليواجه صدمة وفاة والده الذي كان يحبه كثيراً. "كنت في الــ 13 من عمري، وهناك بدأت بالتعاطي لأهرب من فكرة وفاة أبي الذي شكل نقطة ضعفي، وكذلك لأهرب من المسؤولية التي ألقيت على كاهلي بعد وفاته"، يقول لــ "لبنان 24".
في البداية شعر حسن بالسرور لكن مع الايام تحول التعاطي إلى إدمان، وتالياً إلى مرض ووجع. استدرج حسن إلى دوامة التعاطي عبر صديقه وقريبه الذي يتعاطى بدوره.
"قال لي جرّب وخذ السانيتا. أحرقت أول حرقة ولم أشعر بشيء. قال لي أحرق الثانية فشعرت أنني على المريخ. كان شعوراً مخيفاً. هكذا صرت أتعاطى الهيرويين كل يومين ثم لاحقاً كل يوم، حتى وصلت إلى تعاطي المخدرات كل ساعة، أي نحو غرام واحد يومياً".
يشعر حسن بالأسى والحزن الشديدين للتصرفات التي أقدم على فعلها بسبب الإدمان. يتذكر قائلاً: "الإدمان جعلني أسرق هاتف أختي الجديد وأبيعه وأخاف من مواجهتها، كما كنت أسرق مبلغ 100 ألف ليرة من تحت وسادة أخي المريض الذي توفي وأهلي لا يعلمون بذلك. هذا ما يحرق قلبي وأتمنى من أخي أن يسامحني".
حرقة قلب حسن باتت مضاعفة مع وفاة شقيقه. ذلك أنه كان يسرق تكلفة علاجه "صرفت حوالي 5 ملايين ليرة ثمن عملية كان يفترض أن يخضع لها على التعاطي خلال أسبوع فقط".
وقت طويل مرّ قبل أن يستقيظ حسن من مأساته لكن بعد أن دفع ثمناً كبيراً. فقد وصل إلى حدّ الوخز بالإبر الممزوج بالحامض وتناول الحبوب المخدرت ليعوض عن الهيرويين.
"هذا أوسخ أنواع بضاعة (مخدرات) استعملتها"، يقول حسن الذي لم يفصح عن أسماء التجار، لكنه يعترف بأنه صار يروج للمخدرات مقابل ان يحصل من التاجر الاساسي على الهيرويين ليصبح عبداً عند التاجر وينفذ كل ما يطلبه منه.
يتذكر حسن في حديثه لــ "لبنان 24"، "حاولت شنق نفسي مرات عديدة. كما أني قطعت وريد القلب في يدي لكن أهلي أنقذوني. ذهبت الى مخفر حبيش وسلمت نفسي كي لا استمر بالتعاطي، لكني وجدت التعاطي هناك أخطر حين سجنت أربعة أشهر".
نفذ حسن من الموت أكثر من مرة. فقد تعاطى المخدرات بجرعة زائدة نحو 10 مرات، "وكوني لا أزال على قيد الحياة يعتبر طبياً معجزة".
كل ما اختبره حسن دفعه إلى السعي للعلاج من الادمان. ذلك أن كل ما يعتمل في نفسه من المرارة، لا يضاهي ما تسبب به لوالدته التي عاشت الذل بسببه.
يقلّب حسن في رأسه كل ما عاشه من ذل ودفع أهله إليه. "زوجتي عانت وعاشت عند أمي وتركت البيت. لقد عانت معي طيلة أيام الادمان ولم تتركني، وقررت أني لن أستمر في هذه الدوامة التي تشبه جهنم".
حالياً حسن مصمم على العلاج وأخذ العبرة من الماضي البائس والحديث عنها. فهل ينجح؟