نشرت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية تقريراً عن أهمية مرفأ طرابلس في إعادة إعمار سوريا، مسلطةً الضوء على اهتمام الصين بهذه العملية، باعتبارها "البلد الوحيد الذي يملك المال والذي يضطلع بموقع ديبلوماسي لتحريكها".
وأوضحت الصحيفة أنّ المراقبين الخارجيين يعتبرون الصين، أو ثاني أكبر اقتصاد في العالم، المستثمر الكبير الأكثر واقعية لإعمار سوريا، بسبب عدم لعبها دوراً ناشطاً في الصراع السوري وإبقائها على علاقاتها الديبلوماسية مع دمشق في ظل الأزمة، وتوقيعها اتفاقات تجارية مع سوريا، وتأثر روسيا وإيران بالعقوبات الأميركية.
وكشفت الصحيفة أنّ الصين أرسلت وفوداً إلى سوريا ولبنان، (أرسل الحزب الشيوعي الصيني والشركات الصينية الخاصة نحو 6 وفود إلى لبنان منذ العام 2017 – وهو رقم مرتفع)، ولكنها لم تعطِ كلمة بعد، إذ نقلت عن أحمد تامر، مدير مرفأ طرابلس، قوله: "لم تستثمر الصين في المرفأ بعد بهدف إعادة إعمار سوريا".
وفي هذا السياق، قالت الصحيفة إنّ طرابلس تعتقد أنّها قادرة على لعب دور لوجيستي على هذا المستوى، ناقلةً عن ريا الحسن، رئيسة مجلس ادارة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في المدينة، قولها: "أدرك الصينيون ذلك قبلنا حتى".
وفيما أكّدت الصحيفة أنّ الشركات الصينية أبرمت عقوداً "مغرية" في مرفأ طرابلس، بينها ما يُقدّر بـ58 مليون دولار، بيّنت أنّ الاستثمارات الصينية توقفت عند هذا الحد، وأنّ مقترح توسيع المرفأ عالق في ظل الأزمة الحكومية.
توازياً، تطرّقت الصحيفة إلى الجهود الصينية على خط "القوة الناعمة"، إذ تناولت نشاط معهد "كونفوشيوس" مع الجامعة اللبنانية وبرنامج الدراسات الصينية، مذكرةً بتصريح السفير الصيني، وانغ كيجيان: "يمكن للبنان أن يصبح لؤلؤة ساحرة في مبادرة الحزام والطريق"، في إشارة إلى سياسة الصين لتطوير البنى التحتية على طول خط الحرير التجاري التاريخي.
وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن تاو دوانفانغ، الباحث في مركز الصين والعولمة، قوله: "يعاني هذا الطريق ثغرة يمكن لطرابلس ردمها"، وتوضيحه أنّ "الصين تملك مركزاً واحداً لنقل الشحنات من سفينة إلى أخرى يقع في تل أبيب؛ ونظراً إلى أنّ عدداً كبيراً من البلدان المسلمة ترفض استقبال بضائع نُقلت عبر إسرائيل، تتمتع طرابلس بفرص كبيرة على المدى البعيد".
في المقابل، ألمحت الصحيفة إلى أنّ انعدام الاستقرار في سوريا يقف وراء إحجام الصين عن الالتزام بأعمال إعمار سوريا، إذ نقلت عن دوانفانغ قوله: "(..) يتوخى الصينيون الحذر لجهة القيام باستثمارات كبرى هناك (سوريا)".
ختاماً، تحدّثت الصحيفة عن تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني، والعوامل التي "تنفر" المستثمرين الصينيين- على الرغم من قدرة مرفأ طرابلس التنافسية العالية ومن كونه أقرب إلى دمشق بالمقارنة مع مرفأ اللاذقية أو مرفأ طرطوس اللذيْن يستخدمهما الروس حالياً- ذاكرةً غياب خط حديدي يربط المدينة ببيروت أو بمدن سوريا الصناعية.