بعد مرور نحو 3 سنوات ونصف السنة على توقيف "أمير الكبتاغون"، أصدرت محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي عبد الرحيم حمود، وعضوية المستشارين رانيا بشارة وسارة بريش، حكمها في قضية محاولة تهريب 1900 كلغ من حبوب الكبتاغون، فأنزلت عقوبة الأشغال الشاقة ست سنوات بالأمير السعودي عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود ووكيله يحي سعدي الشمري، وغرّمت كلّاً منهما 10 ملايين ليرة بعدما أدانتهما بجرم الإتجار بالمخدرات ومنعت عنهما المحاكمة من جرم الترويج.
وأدانت "الجنايات" غيابياً كلّاً من حسن جعفر وعلي إسماعيل (لبنانيان) ومروان الكيلاني (سوري)، وأنزلت بحقّ كلّ منهم عقوبة السجن المؤبّد مع غرامة 100 مليون ليرة، واكتفت بمدّة توقيف الأظناء بندر الشراري وزياد الحكيم ومبارك الحارثي، وأخرجت المحكمة خالد الحارثي ومحمد الرويلي من المحاكمة بسبب إحالتهما أمامها من دون تبيان إسمي والدتيهما.
وقد ثبت للمحكمة من حيثيات الحكم الذي صدر بالإجماع، بالدليل القاطع والأدلّة، أنّ الأمير عبد المحسن ويحي اتفقا خلال وجودهما في السعودية على تهريب الكبتاغون من لبنان إلى السعودية، وأنّ الشمري حضر إلى لبنان لتأمين الإتصال بحسن جعفر، الذي تولّى مع علي إسماعيل تحضير كمية حبوب الكبتاغون وتوضيبها في أكياس داخل "كراتين" وحقائب ونقلها في ڤان إلى المطار، قبل أن يتمّ ضبطها بعد الإشتباه فيها وتوقيف المتورطين في العملية.
"لبنان 24" ينشر أبرز ما جاء في وقائع الحكم الذي صدر اليوم:
في 26 تشرين الثاني من العام 2015، حضر إلى مطار رفيق الحريري الدولي السعودي يحي الشمري ومعه 24 صندوق من الكرتون عليه عبارة "خاص صاحب السمو الملكي الأمير عبد المحسن بن وليد آل سعود"، وثمانية حقائب عليها العبارة ذاتها. ولدى تمرير الحقائب والصناديق على آلة السكانر تبيّن وجود حبيبات تثير الشك، جرى فتحها فعثر داخلها على حبوب موضّبة داخل أكياس من النايلون أرسلت عينة منها الى الفحص، فتبيّن أنّها من نوع كبتاغون، ووزنها حوالي 1800 كيلوغرم، فأفاد يحي الشمري فوراً بأن الحقائب والكراتين تعود لصاحب السموّ الموجود مع عدد من أصحابه في صالون الشركة بانتظار سفرهم إلى المملكة العربية السعودية على متن طائرة خاصة.
وأفاد الأمير عبد المحسن لدى فصيلة الضابطة العدلية، بأنّه حضر الى لبنان في 24 تشرين الثاني، قادماً من جدّة على متن طائرة خاصة يرافقه كل من مبارك الحارثي وزياد الحكيم وخالد الحارثي بغية قضاء عطلة نهاية الأسبوع، وبأنّه وصل إلى مبنى الطيران العام المخصص للطائرات الخاصة حيث كان بانتظاره يحي سعدي الشمري، وهو صديق لأشقائه، ونزل في فندق "فور سيزن" حيث كان ينزل الأخير. وحوالي الساعة العاشرة من مساء الأحد في 25 تشرين الثاني غادر هو ومبارك وزياد الفندق المشار إليه، وطلب من يحي أخذ جوازات السفر العائدة لهم وتسليمها إلى مدير العلاقات العامة للطيران السعودي بغية تسهيل الأمور لدى الأمن العام، وأنه طلب من استعلامات الفندق تحضير الحقائب وتسليمها الى يحي لأخذها الى المطار.
انتقل الأمير بحسب إفادته، إلى أحد المطاعم حيث بقي فيه لغاية الواحدة فجراً، وقد اتصل به يحي حوالي ست مرات، طالباً منه الحضور إلى المطار كون الطائرة جاهزة للإقلاع. وأشار الى أنّ يحي طلب منه (البارحة) السماح له بنقل 13 حقيبة الى السعودية فوافق على طلبه، لأنّ الطائرة المستأجرة تتسع لحمولة 22 حقيبة وليس بحوزته هو وأصدقائه سوى 3 حقائب، مضيفاً أنه فوجئ بمدير العلاقات العامة للطيران السعودي يخبره أنّه ضبط مع يحي كمية كبيرة من حبوب الكبتاغون كان ينوي وضعها في الطائرة التي سيستقلّها هو، نافياً علمه بالأمر مسبقاً أو معرفته من أين حصل يحي على تلك الحبوب، مستغرباً كيف حصل يحي على الملصقات التي تحمل اسمه ووضعها على الصناديق والحقائب الضبوطة.
أمّا الشمري فأفاد لدى الفصيلة عينها بأنّه وكيل أعمال الأمير، وبأنّه حضر إلى لبنان بطلب من الوكيل الخاص للأمير خالد الحارثي ليقوم بخدمة الأمير مقابل منفعة مالية، وأنّ خالد أعلمه في إحدى المكالمات أنه يوجد في بيت الأمير في بيروت قطع أثاث وتحف باهظة الثمن وأن ڤاناً سيأتي الى الفندق محملاً بهذه التحف، وطلب منه مرافقة الڤان إلى المطار من أجل شحنها في الطائرة الخاصة التي ستنقلهم إلى السعودية وهذا ما حصل، إلّا أنّه أثناء انتظاره لوصول الأمير إلى المطار اقترب منه شخص يرتدي لباساً أسود اللون وأخبره أنّه يريد تفتيش الحقائب، وبعد لحظات وصل الأمير عبد المحسن، فتمّ فتحها وتبيّن أنّها تحتوي حبوب كبتاغون. حاول الأمير الخروج من المطار فمُنع من ذلك، وقد نفى (أي الأمير) معرفته بمضمون الصناديق قائلاً إنّها تعود ليحي فصُدم ممّا سمع.
وأمام مكتب مكافحة المخدرات تحدّث يحي عن حصول اجتماع مع الأمير ووكيله الخاص للبحث في موضوع تهريب المخدرات، الأمر الذي نفاه الأمير عبد المحسن خلال مواجهته بيحي، وأنكر أن يكون تكلّم بهكذا موضوع مع أحد.
ومع احتساب السنة السجنية 9 أشهر وحسم مدّة توقيف الأمير ووكيله، يبقى على بقائهما داخل السجن نحو 13 شهراً، أي أنّهما سيغادران مخفر حبيش (إذا لم يتمّ إستئناف القرار) في نيسان المقبل.