صارت المفاوضات القائمة حالياً لإيجاد تسوية للتصعيد الحاصل بعد أحداث الشوف الأخيرة، تنحصر بحفظ ماء الوجه للأطراف المتنازعة كي لا ينعكس الأمر على سير العمل الحكومي، وكأن المشكلة المراد حلّها تكمن في منع تعطيل جلسات مجلس الوزراء، وليس حلّ الخلاف العميق بين "التيار الوطني الحرّ" والحزب "التقدمي الإشتراكي".
من هنا تؤكد مصادر مطلعة أن لا قرار لدى "التيار الوطني الحرّ" بحل القضية مع الحزب "الإشتراكي" وبتخفيف الإشتباك السياسي معه، بل على العكس لعل ما حصل سيزيد التباعد بين الطرفين إلى حدّ بعيد.
وأشارت المصادر إلى أن "التيار الوطني الحرّ" بات مقتنعاً بضرورة خوض معركة
كاملة مع جنبلاط في قضية التعيينات، خصوصاً الدرزية، إذ سيعمل على فرض حصول الحزب "الديمقراطي" على حصة من هذه التعيينات بغض النظر عن حجم هذه الحصة.
ولفتت المصادر إلى أن رئيس "التيار" الوزير جبران باسيل لن يقبل بأن يكون لجنبلاط أي دور في تعيين أي مسيحي في أي منصب في الشوف وعاليه، وهذا ما يعتبره العونيون نقلة نوعية في العلاقة الخدماتية بينهم وبين المسيحيين في تلك
المنطقة.
وأكدت المصادر إلى أن "حزب الله" ومن خلال كل ما يتم تسريبه من أجواء المقربين منه، يغطي إلى حدّ بعيد معركة سياسية ضدّ جنبلاط بعيداً عن موقف حليفه الرئيس نبيه برّي.
وقالت المصادر أن المعركة السياسية مع جنبلاط ستشمل الضغط من أجل السير بمعمل عين دارة، والعمل على توظيف مناصري الحزب "الديمقراطي" دون غيرهم الأمر الذي سيظهر على أنه جزء من مسار محاصرة الزعامة الجنبلاطية.
وإعتبرت المصادر أن "حزب الله" بدوره سيستمر بمقاطعة جنبلاط، وفي أقل تقدير لن ينهي البرودة في العلاقة معه إلى أجل غير مسمى، خصوصاً أن الكثير من المواقف السياسية التي يعلنها الإشتراكي يأخذها الحزب بكثير من الجدية، ويربطها بسياسات إقليمية.
وشددت المصادر إلى "التيار الوطني الحرّ" يستند بشكل أساسي على قرار رئيس الجمهورية ميشال عون برفضه الكامل لأي
علاقة ودية مع "الإشتراكي" بعد الأحداث الأخيرة.
في المقابل، وبعكس المعتاد، لن ينحني رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط، للعاصفة، ولن يقبل بأي تنازلات سياسية في الشكل أو في المضمون.
وتشير أوساط "الإشتراكي" إلى أن جنبلاط تنازل كثيراً، بدءاً من التوافق على قانون الإنتخابات وصولاً إلى تشكيل الحكومة وتمثيله فيها، وذلك لعدم تعريض الحياة السياسية للمزيد من العراقيل والهزات، لكن كل هذه التنازلات لم تُقابل إلا بمزيد من التعديات.
ولفتت الأوساط إلى أن جنبلاط الذي أعطى مسألة التهدئة في الشارع أولوية كبيرة، غير أنه لن يقبل أن "يأكل الفاجر مال التاجر" في السياسة، وهو سيواجه حتى النهاية محاولات عزله وتهميش دوره.