اشتد العصب السياسي في ضوء الموقف المتشدد الذي اطلقه الرئيس ميشال عون حيال أزمة قبرشمون، فوفق اجواء الحزب التقدمي الاشتراكي فإن الادعاء بوجود كمين يستهدف الوزير جبران باسيل لا يعيد الوضع الى المربع الاول بقدر ما يطيح بكل المساعي المبذولة وسد آفاق أي حلول مقترحة، خصوصا وأن قطار الحل كان على مشارف الانطلاق عبر مبادرة الرئيس بري بمصالحة سياسية تعقد في قصر بعبدا بالتزامن مع إستئناف جلسات مجلس الوزراء على ان تترك للقضاء مهمة معالجة حادثة قبرشمون.
في ظل تشنج غير مسبوق قد يصل إلى حده الاقصى مع خطاب الوزير باسيل خلال وضع حجر الاساس لمقر التيار الوطني الحر في الضبية، حيث من المتوقع بأنه سيهب بالرد على التقدمي الاشتراكي وعلى ما جاء في كلام وزير الصناعة وائل ابو فاعور تحديدا.
في المقابل، يلجأ رئيس الحكومة الى ممارسة "الاعتكاف الصامت" إفساحا في المجال أمام سعاة الخير كي لا يتم تفجير حكومته من الداخل، ربما جراء قناعة بعدم قدرة الطرف الآخر أي بالتيار الوطني الحر الاستغناء عن الركن الاساسي المتمثل بالمستقبل وسعد الحريري كرئيس للحكومة كما فعل مع أطراف أخرى كوليد جنبلاط وسمير جعجع، لذلك يلجأ الحريري إلى سياسة الانتظار عله يأتي بالفرج الحكومي.
في هذا الاطار، نفت مصادر بيت الوسط لـ"لبنان 24" ما تردد عن نية الحريري تمديد بقائه في الخارج لما بعد عطلة عيد الاضحى وحتى مشارف نهاية الشهر الحالي، مؤكدة بأن جدول أعماله زاخر بالمواعيد قبل العيد وبعده، ومن المتوقع إستئناف نشاطه فور عودته المرجحة خلال ساعات لمواكبة الوضع الداخلي.
قتامة المشهد لم تنعكس تشاؤما راسخا في أجواء عين التينة، فقد نقل زوار الرئيس نبيه بري عنه بأن الابواب ليست مقفلة تماما على حلول لكن "ينبغي سكب مياه باردة على الرؤوس الحامية " فالصراخ وفق تعبير بري لا يؤدي الى مشاورات هادئة من شانها عبور عنق الزجاجة، من هنا يحتسب الرئيس بري الايام الفاصلة عن عطلة العيد قبل البدء بالمفاوضات بأجواء هادئة وصحية لسبل تدبير الحل الحكومة.
كما نقل الزوار عن الاخ "أبو مصطفى" إشمئزازه من التحريض السائد في الخطاب السياسي وتقسيم اللبنانيين الى محاور ومذاهب ودفعهم نحو خنادق الطائفية المذهبية، فلا يدرك هؤلاء ذنوبهم لعدم إدراكهم بأن التفريط بالسلم الاهلي كمن "ينتزع قلبه من جسده" فلا أمل لبقاء لبنان كوطن ولا قيامة لدولة القانون في ظل هذه الاجواء المشحونة.
في زخمة الازمة الحكومة، كان فاقعا تعرض مبادرة بري الى "نيران صديقة"، من هنا الغمز من قناة "وزير العهد المفوض شؤون الجمهورية" جبران ياسيل لناحية سعيه الاحتكار السياسي في حين أن ممارسته هو الجزء الاكبر من المشكلة.
يسجل في هذا الاطار إخفاقات سجلها باسيل في عجالته، أبرزها سوء تقديره لحجم ثقة حزب الله بالرئيس بري خصوصا في ما يتعلق بالبت بالخلافات السياسية، يليها سعيه الدؤوب إلى تكريس شخصه بأن يكون الزعيم الابرز على الساحة المسيحية، ففي ذروة معركة باسيل لعزل وليد جنبلاط عبر محاصرته من ضمن طائفته كما تعزيز الدور المسيحي سياسيا، وضع نصب عينيه هدفا قوامه توقيع يجمعه مع الرئيس بري بصفته رئيسا لحركة أمل ضمن ورقة تفاهم مماثلة لمار مخايل.