تحت عنوان لماذا اتّهم الراعي "المعلومات" بالتعذيب و"الفبركة"؟، كتب رضوان مرتضى في "
الأخبار": هاجم البطريرك الماروني بشارة الراعي، فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي أول من أمس، متّهماً ضباطه بـ"فبركة ملفّات لأشخاص من دينٍ واحد"! وتحدث عن تعذيبٍ يمارَس في "أقبية قوى الأمن وشعبة المعلومات خلال التحقيق".
موقف البطريرك الراعي برز لافتاً، لكونه اتّهم لأوّل مرة علانية جهازاً أمنياً بممارسة التعذيب وفبركة الملفات، حيث توجّه إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء عماد عثمان، بما سمّاه نداءً عاجلاً، سائلاً إياه: "كيف يقبل بفبركة ملفّات لأشخاصٍ من دينٍ واحدٍ ومذهبٍ واحدٍ؟". وربما قصد الراعي هنا الموقوفين في ملف الفساد القضائي، إذ إنّ معظم السماسرة الرئيسيين الذين أُوقفوا في هذا الملف ينتمون إلى الطائفة المسيحية. ورأى أنّ ما يجري "لم يعد يُطاق". جاء هذا الموقف أمام وفد من نقابة المحررين برئاسة النقيب جوزيف قصيفي.
اللواء عثمان لم يلبث أن ردّ على الراعي بالقول: "أتوجه إلى غبطة البطريرك بالرجاء الحارّ بأن يتأكد بنفسه أو يكلف من يرتئيه لمواجهة الموقوفين الذين تم الادعاء بأنهم تعرضوا للتعذيب أو جرى تلفيق التهم بحقهم، سواء من الذين أخلي سبيلهم، أو من الذين ما زالوا موقوفين وبالطريقة التي يراها مناسبة، تبياناً للحقيقة ووضع الأمور في نصابها الصحيح". وتوجّه عثمان إلى "من شهد بالزور أمام البطريرك الراعي"، قائلاً إنّه "ينطبق عليه ما جاء في الكتاب المقدس: الشاهد بالزور لا يتبرأ". ما خلفية هذا السجال؟
تزامن موقف البطريرك الراعي مع الضغوط التي يمارسها التيار الوطني الحر في حربه المعلنة على فرع المعلومات، على خلفية ملف الفساد القضائي الذي طاول اثنين من القضاة الرئيسيين المحسوبين على العهد. وأتى كلام الراعي بعد الهجوم الناري الذي شنّه الوزير جبران باسيل على عثمان، ثم إمساك النائب العوني أسعد درغام (الذي يتولى الملف الأمني والقضائي في التيار الوطني الحر) بالدفّة ليأخذ على عاتقه اتهام فرع المعلومات بممارسة التعذيب.
وترافق أيضاً هجوم البطريرك مع استدعاء المقدم سوزان حبيش إلى فرع المعلومات للتحقيق معها على خلفية نشاط حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي يُشتبه في أنها مرتبطة بها، بعدما تردد أنها تنشر أخباراً تهاجم المدير العام لقوى الأمن الداخلي. وفي يوم صدور موقف الراعي، مكثت الحاج ثماني ساعات في التحقيق لدى "المعلومات".
وربطت مصادر المديرية هجوم بكركي على "الفرع" بالتحقيق مع حبيش "التي تربطها، وزوجها المحامي زياد حبيش، علاقة قوية بالصرح البطريركي". كذلك ربطت بعض المصادر الهجوم الكنسي على الجهاز الأمني بخلاصات تحقيق الفرع في حادثة قبرشمون - البساتين، التي نفى فيها "المعلومات" فرضيتين من فرضيات التيار الوطني الحر: ما جرى كان كميناً لاغتيال الوزير صالح الغريب، أو هو مخطط لاغتيال الوزير باسيل.
غير أنّ مصادر بكركي نفت ما يجري تداوله عن ربطٍ بين استدعاء المقدم الحاج وموقف البطريرك، مؤكدة أن البطريرك لم يكن على دراية باستدعاء المقدم الحاج. واعتبرت المصادر نفسها أن موقف البطريرك استند إلى ما يجري تداوله في الإعلام بشأن حوادث التعذيب. ورداً على سؤال عمّا إذا كان البطريرك بصدد الاستجابة لطلب عثمان إرسال أحد لمقابلة الموقوفين للتثبت من عدم صحة ما يُشاع، ردّت مصادر بكركي بأن ذلك ليس من ضمن مهماتها، متحدثة عن "التباسٍ في المواقف لا يوضّح إلا بتواصل مباشر بين عثمان وغبطة البطريرك".