وتحدّثت الصحيفة عن "الإشارات المختلطة" التي ترسلها إدارة ترامب على هذا الصعيد. فبعدما أكّد مسؤولان بارزان قرار الحجب، قال مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأوسط، ديفيد شينكر، أثناء زيارة إلى تل أبيب مطلع الشهر الجاري، إنّ المساعدة الأميركية لم تُحجب، رافضاً طلبات إسرائيلية بمنعها، بحسب ما كتبت الصحيفة. وآنذاك، أوضح شينكر، وفقاً للصحيفة، إنّ المساعدة لم تُحجب، بل تخضع لمراجعة، حيث دافع عنها معتبراً أنّه من شأن حجبها أن يدفع القوات المسلحة اللبنانية إلى التقّرب أكثر من "حزب الله" وإيران. وقالت الصحيفة إنّ إسرائيل ضغطت على واشنطن من أجل رهن مواصلة دعم الجيش باتخاذه خطوات ملموسة للنأي بنفسه عن "حزب الله"، مضيفةً بأنّ تل أبيب طلبت الأمر عينه من بلدان أخرى تمد لبنان بالمساعدات مثل فرنسا والمملكة المتحدة.
وقالت الصحيفة إنّ الإدارة الأميركية تتعرض لضغوط من المشرعين الذين يروّجون لقانون من يرمي إلى تقييد المساعدة للبنان ما لم تُثبت القوات المسلحة اللبنانية إنّها تتخذ خطوات ملموسة للنأي بنفسها عن "حزب الله"، وذلك في إشارة إلى مشروع "مواجهة حزب الله". ومن جهة ثانية، يمارس المشرّعون الديمقراطيون ضغوطاً على الإدارة لتفسير سبب حجب المساعدة. ففي رسالة علنية كتبها عضو الكونغرس إليوت أنغل ورئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة للجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، تيد دوتش، طالب الرجلان بأجوبة بشأن الحجب "غير المبرر والمبهم".
وكتبت الصحيفة أنّ أنغل ودوتش اللذيْن يعدّان موالييْن لإسرائيل ومرتبطيْن بمنظمات اللوبي الموالي لإسرائيل شرحا بموجب رسالتهما أنّ المساعدة المحجوبة حالياً "أساسية لبناء قدرات الحكومة اللبنانية للحفاظ على الأمن والاستقرار ودعم القوات المسلحة اللبنانية في مجالات متعددة، بما فيها مكافحة الإرهاب، الأمن الحدودي وتنفيذ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن".
وفي حين ذكرت الصحيفة بإفادة مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية، ديفيد هيل، الذي لفت إلى أنّ المساعدة اللبنانية حُجبت تزامناً مع قرار واشنطن حجب المساعدة الأوكرانية، أوضحت الصحيفة أنّه تم الإفراج عن مساعدة كييف في أيلول الفائت، بعد مرور فترة وجيزة على تبليغ أحدهم في الإدارة الأميركية عن جهد ترامب المزعوم الرامي إلى ربط المساعدة بقيام أوكرانيا بالتحقيق بأنشطة الديمقراطي جو بايدن ونجله.
في ما يتعلق بالمساعدة اللبنانية، نقلت الصحيفة عن هيل كشفه عن "خلاف حول فاعلية المساعدة" في الإدارة الأميركية. كما نقلت عن "مصدريْن مقرّبيْن من الإدارة" قولهما إنّ البيت الأبيض بادر إلى قرار حجب المساعدة، في حين أنّ "الخارجية" والبنتاغون يحاولان الإفراج عن المساعدة.
الصحيفة التي قالت إنّ البنتاغون يخشى أن يساهم حجب المساعدة بزيادة الاضطرابات في البلاد وتعزيز قوة "حزب الله" وإيران، كشفت أنّ منظمة "مسيحيون متحدون من أجل اسرائيل"، وهي أكبر مجموعة إنجيلية مؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة، تضغط من أجل تغيير في المساعدة العسكرية للبنان؛ علماً أنّ الإنجيليين يشكلون قاعدة أساسية لترامب، الذي ينوي المشاركة بسباق الـ2022 الرئاسي، وذلك منذ انتخابات 2016.
ونقلت الصحيفة عن مدير السياسة والاستراتيجية العامتين في المنظمة، بوريس زيلبرمان، اعتباره عقد لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب جلسة استماع مع مسؤولين في الإدارة الأميركية "مسألة مهمة"، وذلك في ظل الوضع السياسي المتطوّر في لبنان، بما فيها المخاوف المتزايد من نفوذ "حزب الله" المتزايد والتساؤلات حول وضع المساعدة الأميركية للقوات المسلحة اللبنانية. وقال زيلبرمان إنّه يتعيّن على الكونغرس أن يصر على مراقبة أوسع لمساعدة القوات المسلحة اللبنانية، مشيراً إلى أنّه يمكنها البدء بتمرير تشريع من شأنه أن يرهن قسماً بسيطاً من هذه المساعدة لضمان عدم استخدامها ضد المصالح الأميركية.
يُذكر أنّ قرار الولايات المتحدة دعم بناء إسرائيل لمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، اعتبر بمثابة مغازلة لمشاعر الناخبين الإنجيليين.