بصرف النظر عن إمكانية وصول النواب والوزراء إلى مبنى المجلس النيابي صباح الإثنين فيما لو قرّر المحتجّون إقفال مداخله، هناك جدل يسود الأوساط السياسية والقانونية حيال دستورية جلسة مناقشة الموازنة ومثول الحكومة أمام المجلس النيابي ليس فقط قبل نيلها ثقة البرلمان، بل ايضًا للدفاع عن مشروع موازنة لم ترسله أو تطّلع عليه، كما أنّه أُعدّ من قبل الحكومة السابقة، في ظلّ أوضاع مغايرة سبقت ثورة 17 تشرين.
لم يسبق للمجلس النيابي أن واجه حالة مماثلة، بمعنى التزامن بين وظيفته بإقرار الموازنة ووجود حكومة لم تنل ثقته. الرئيس نبيه برّي يبدو مصرًّا على موعد الجلسة، التي تنقسم حيالها الآراء الدستورية، الحكومة الجديدة المحاصرة بضغط الإحتجاجات لم تعلن موقفًا بشأن مشاركتها، وإن كان يحقّ لها استراداد مشروع الموازنة لدرسه أو تعديله أو حتّى نسفه وإرسال مشروع جديد.
وفق قراءة الخبير الدستوري المحامي ماجد فياض هناك إشكالية لجهة قيام الحكومة بحضور الجلسة، حيث أنّها ليست من قدّم الموازنة إلى المجلس، لكي تكون بموقع المسؤول عما ورد فيها من أرقام، وعن تنفيذ السياسات التي تضمّنتها. ولكن بالمقابل الحكومة التي لم تنل الثقة بعد، إذا ما كانت ستنحو منحى عدم تبني الموازنة السابقة، عليها أن تعدّ موازنة جديدة، الأمر الذي سيستغرق وقتًا إضافيًا، وفي الوقت الفاصل عن درس وإقرار موازنة جديدة سيتمّ اللجوء إلى القاعدة الإثنتي عشرية في الإنفاق بما يشكّل مخالفة دستورية واضحة.
فياض وفي حديث لـ "لبنان 24" يستند إلى المادة 32 من الدستور في تخصيص "جلسات العقد الثاني للبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل كل عمل آخر"، معتبرًا أن الواجب التشريعي يفرض على المجلس أن ينكبّ على مناقشة الموازنة، وعمله هذا يعلو على جميع الإعتبارات الدستورية، لأنّ الخيار بين وجود موازنة لم تعدّها الحكومة الحالية وبين أن يكون البديل عدم وجود موازنة على الإطلاق حتّى هذا التاريخ، يحتّم مناقشتها اليوم للإنصراف إلى العمل التشريعي، منطلقًا من مبدأ استمرارية المرفق العام.
أضاف فياض "مسألة وجوب مناقشة الموازنة موقف دستوري وقانوني صحيح، بصرف النظر عما إذا كان المجلس سيقرّها بأكملها أم سيعدل في موادّها أم سيرفضها، فهذا حقّه ودوره كسلطة تشريعية يتوجب عليها أن تقوم بعملها باستقلالية وضمن إطار التعامل بين السلطات".
حكومة دياب وكونها لم تنل ثقة البرلمان بعد فهي تعتبر حكومة تصريف أعمال، وبهذه الصفة يمكن أن تمثل أمام المجلس النيابي في جلسات مناقشة الموازنة، وفي هذه الحالة يعتبر فياض "أنّه يمكن لها أن تتخذ ما تراه مناسبًا بشأن الموازنة، ويمكن لها أن تطلب استردادها، ولكن لا يمكن ترك البلاد من دون موازنة والإستمرار بالإنفاق على أساس موازنة العام 2019، وفق قاعدة الإثنتي عشرية، بحيث لا يجوز استخدامها لأكثر من شهر واحد هو شهر كانون الثاني".
في أيّ حال مشهدية جلسة الموازنة ستكون محكومة بتطورات الشارع الغاضب، لاسيّما وأنّها جلسات مطوّلة يومي الإثنين والثلاثاء قبل الظهر وبعده، وقد تستمر ليوم الأربعاء في حال اتسعت دائرة طالبي الكلام من النواب، لاسيّما وأن الكلمات منقولة مباشرة على الهواء، ومعارضة الداخل سترى في المنبر النيابي المفتوح مكانًا وزمانًا مناسبين لإيصال رسائلها.