تحت عنوان "هكذا يمكن للولايات المتحدة الأميركية الضغط على الحكومة اللبنانية الجديدة لمعالجة الفساد"، نشر موقع "ذا هيل" الأميركي مقالة كتبتها الباحثة اللبنانية في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، حنين غدّار، ومدير "برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب" في المعهد نفسه، ماثيو ليفيت، حثّا فيها الإدارة الأميركية على تطبيق "قانون ماغنيتسكي" لملاحقة المسؤولين اللبنانيين الفاسدين، حيث اعتبرا أنّ الوقت الراهن يمثّل أفضل توقيت لبعث رسالة دعم للشعب اللبناني.
في مقالتهما، استبعد الباحثان إمكانية نجاح الحكومة الجديدة "بمفردها" في التصدي للتحدي الأكبر المتمثّل بـ"الفساد المستشري المسؤول عن أزمة البلاد المالية الحادة"، لافتيْن إلى أنّ أزمة الفساد المتجذّر عابرة للطوائف.
ورأى الباحثان أنّ تشكيل حكومة لبنانية جديدة مسألة غير كافية- على الرغم من أنّها مثّلت مطلباً أساسياً للمجتمع الدولي وشرطاً مسبقاً ضرورياً للحصول على على مساعدات دولية- مشدديْن على ضرورة إسراع الحكومة في التحرّك لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية (احتل لبنان المرتبة 137 عالمياً من أصل 180 دولة يقيسها مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، مقارنة بمرتبة 138 من أصل 180 في العام 2018).
وفيما ذكّر الباحثان بتصريح وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الذي أعرب فيه عن استعداد بلاده للقيام بما يمكن للعالم فعله لمساعدة الشعب اللبناني على إصلاح اقتصاده وحكومته، اعتبرا أنّه يتعيّن على الإدارة الأميركية التحرّك لإجبار الحكومة الجديدة وتمكينها من مواجهة المنظومة السياسية الفاسدة، "وهو أمر لا ترغب أي حكومة في القيام به بمفردها"، على حدّ ما كتبا.
وهنا، دعا الباحثان واشنطن إلى إصدار عقوبات تطال بعضاً من اللاعبين الأكثر فساداً بموجب "قانون ماغنيتسكي" (صادق الرئيس الأميركي باراك أوباما على قانون ماغنيتسكي في كانون الأول 2012 ونص على معاقبة الشخصيات الروسية المسؤولة عن وفاة محاسب الضرائب سيرغي ماغنيتسكي في سجنه في موسكو عام 2009)، وبمعزل عن طوائفهم.
محاسب الضرائب سيرغي ماغنيتسكي
وفيما لفت الباحثان إلى أنّ الزعماء الفاسدين يسعون إلى كسب الأرباح والنفوذ السياسي الذي يترافق مع تمويل مشاريع الرعاية، أوضحا أنّه من شأن "قانون ماغنيتسكي" تسمية اللاعبين الأكثر فساداً وفضحهم. وتابع الباحثان بالقول إنّ القانون سيحجز على ممتلكات ومصالح هؤلاء الفاسدين الكائنة في الولايات المتحدة، مرجحيْن أن تكون قيّمة.
في السياق نفسه، تحدّث الباحثان عن أدوات أخرى، مثل المادة 7031(ج) من قانون مخصصات وزارة الخارجية والعمليات الأجنبية والبرامج ذات الصلة للعام المالي 2020، موضحيْن أنّه سبق للخارجية الأميركية أن استخدمت هذه الأداة مطلع هذا الشهر، لاستهداف الفاسدين في مولدوفا. في المقابل، بيّن الباحثان أنّ هذه الأداة تحظر منح تأشيرة أميركية للشخص المعني وأفراد عائلته، ولا تتيح حجز الأموال الموجودة في الولايات المتحدة، وعليه، أكّدا أنّه من شأن "قانون ماغنيتسكي" أن يفيد في حالة لبنان أكثر. وتابع الباحثان بالقول إنّ الخارجية الأميركية طبّقت هذا القانون في كمبوديا ولاتفيا وصربيا في كانون الأول الفائت.
ورأى الباحثان أنّ تفعيل هذا القانون سيمكّن الحكومة اللبنانية من اتخاذ الخطوات المناسبة لإفساح المجال أمام حزم المساعدات العالمية التي تحتاج إليها البلاد بشدة، متوقّعين أن تحظى بدعم شعبي واسع. وفي تعليق على شمل رجال الأعمال والسياسيين اللبنانيين بموجب "قانون ماغنيتسكي"، اعتبر الباحثان أنّه من شأن خطوة مماثلة أن تقدّم استجابة ملموسة لمطالب المحتجين اللبنانيين، حيث أنّها ستكون عابرة للطوائف.
"قانون ماغنيتسكي" لن يطال لبنان
ردت مصادر أميركية مطلعة لـ "الراي"، على ما تردد حول نية الولايات المتحدة تطبيق "قانون ماغنيتسكي" لملاحقة فساد مسؤولين لبنانيين، بالقول إن هذا القانون ليس مخصصاً لملاحقة فساد المسؤولين في دول العالم، بل لملاحقة من يرتكبون تجاوزات في اطار "حقوق الانسان".وأوضحت المصادر لـ"الراي" ان القانون غالباً ما يقوم بفرض عقوبات مالية على مسؤولين متورطين في قتل أو تعذيب مواطنيهم، وعلى رجال الأعمال ممن يجنون ثروات من علاقاتهم مع هؤلاء المسؤولين.
وأشارت المصادر إلى أن في لبنان أسباباً متعددة لفرض عقوبات مالية على شخصيات سياسية وكيانات، لكنها عقوبات ترتبط بتبييض الأموال والإرهاب الدولي، وأنّ لا مسؤولين معروف عنهم تورطهم بتجاوزات في قضايا حقوق الانسان."ربما ينطبق القانون على مسؤولين في سوريا والعراق وايران، لكن لبنان لا يندرج تحت الإطار نفسه"، بحسب المصادر.
المصدر:
ترجمة "لبنان 24" - The Hill