تحت عنوان: "حكومة دياب اللبنانية... "جديدها" السياسي قديمٌ"، كتب كل من ليندا عازار ووسام أبو حرفوش في صحيفة "الراي" الكويتية: يقف لبنان أمام مفارقةٍ "سوريالية" جديدة تضاف إلى الفصول "المثيرة للدهشة" التي تَتَوالى منذ انكشافِ النتائج الكارثية لـ"الانحراف" المالي المتمادي على الصعد المصرفية والنقدية والاقتصادية والمعيشية والذي يشكّل امتداداً في بعض جوانبه لمسارٍ من "الانجراف" السياسي مع خياراتٍ اقتيدتْ إليها البلاد بقوّة "الأمر الواقع" و... وهْجه.
فرئيس الحكومة الجديدة حسان دياب مرشّحٌ لأن يقف وعلى الأرجح في اليوم نفسه (أو قبله بيوم) الذي اعتلى فيه سَلَفه زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري المنصة في مقرّ البرلمان بمستهلّ جلسات الثقة بـ"حكومة إلى العمل" في 12 شباط 2019، أي بعد سنة بالتمام والكمال ليَطْلب الثقة لتشكيلةٍ كان يفترض أن تكون "النقيضَ" للحكومة "الراحلة" التي استقال رئيسها في 29 أكتوبر الماضي تحت ضغط "ثورة 17 أكتوبر".
ولن يكون "الزمن" وحده الذي سيعيد نفسه في "مناسبة الثقة"، ذلك أن "القالب السياسي" للبيان الوزاري الذي سُرب بالكامل (الأحد) وخضع أمس لعملية "شدشدة" و"تحجيم" (كان من 17 صفحة فولسكاب) في الطريق لإقراره النهائي في مجلس الوزراء غداً أو الخميس، هو نفسه الذي "انتظمت" تحته الحكومة السابقة لدرجة أن كل المقاطع ذات الصلة بإشكالية وضعية "حزب الله" وسلاحه وانخراطه في ساحات عدة إلى جانب ملف النازحين والعلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة واتفاق الطائف "استُنسخت" من "بيان 2019" بالحرف والفاصلة.
ورغم اعتبار أوساط أن بقاء "حكومة حزب الله"، كما يسمّيها كثيرون بعدما كانت له اليد الطليقة في استيلادها مع شريكه المسيحي "التيار الوطني الحر" (حزب الرئيس ميشال عون)، في الشقّ السياسي من البيان عند سقف حكومة الحريري يشكّل في ذاته تطوراً إيجابياً ويعكس مرونة من الحزب حيال ضرورة الحفاظ على بعض "الضوابط" في الإطلالة على الخارج، فإن أوساطاً أخرى رأت على العكس أنه كان مطلوباً من "حكومة اللون الواحد" أن تُطْلِق إشاراتٍ طمْأنةٍ أقوى للمجتمعين العربي والدولي بإزاء "تموْضعها السياسي" الذي وُضع تحت مراقبةٍ لصيقة بالتوازي مع مسار الإصلاحات القطاعيىة والهيكلية والبنوية، وكلاهما يشكّلان طرفيْ «حبل النجاة» الذي يتطلّع إليه لبنان للخروج من الحفرة المالية.
ولاحظتْ هذه الأوساط أنه في مسودّة البيان (قبل القراءة النهائية أمس)، وفي موازاة عبارة "ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية" المنسوخة من بيان حكومة الحريري، فإن النأي بالنفس الذي يشدّد عليه المجتمع الدولي لم يرِد إلا في فقرة "مُكَرَّرة" أيضاً حول "الإصرار على اعتماد الحوار (بين اللبنانيين) سبيلاً لحل الخلافات والنأي بالنفس عن السياسات التي تُخل بعلاقاتنا العربية"، فيما أُسقطت عبارة كانت وردتْ في مقطع منفصل في بيان 2019 وتضمّنتْ حينها "تأكيد الحكومة على التزامها مضمون البيان الذي اقرّته الحكومة السابقة بكل مكوّناتها في جلستها المنعقدة في 5 /12 /2017 حول النأي بالنفس" في إشارة إلى ما يشبه "البروتوكول السياسي" الذي عاد على أساسه زعيم "المستقبل" عن استقالته الشهيرة التي شكّلت أدوار "حزب الله" في ساحات المنطقة أبرز خلفياتها.