عقد "حزب الله" اجتماعات طارئة مع قادة مجموعات عراقية مسلحة، مدعومة إيرانياً، بهدف "توحيد الصفوف في مواجهة فراغ كبير"، بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس.
وفي التفاصيل أنّ الاجتماعات تمحورت حول تنسيق الجهود السياسية للفصائل المسلحة العراقية، كما تردّد أنّ "حزب الله" تدخّل للمساعدة في ملء الفراغ الذي تركه سليماني في ما يتعلق بتوجيه المجموعات العراقية المسلحة. وقيل أيضاً إنّ الاجتماعات سلطت الضوء على الطريقة التي تحاول بموجبها إيران والمجموعات المتحالفة معها "تعزيز سيطرتها في الشرق الأوسط"؛ علماً أنّ نحو 5 آلاف عسكري أميركي يتواجد في العراق حالياً.
في قراءتهم، رأى محللون أنّ دخول "حزب الله" على هذا الخط يمثّل توسعاً لدوره في المنطقة. في حين قال مسؤول إقليمي، موالٍ لإيران، إنّ "توجيه حزب الله للجماعات المسلحة في العراق سيستمر إلى أن تتولى القيادة الجديدة في فيلق القدس الذي كان يقوده سليماني في الحرس الثوري الإيراني التعامل مع الأزمة السياسية في العراق".
وقال مصدران عراقيان مطلعان إن الاجتماعات بدأت في كانون الثاني بعد أيام فقط من اغتيال سليماني (اغتيال في 3 كانون الثاني الفائت).
في السياق نفسه، قال مصدر إنّ الاجتماعات عُقدت في بيروت، في حين قال آخر إنّها عُقدت إما في لبنان أو في إيران. وقال المصدران إن مسؤول الملف العراقي في "حزب الله"، الشيخ محمد الكوثراني، استضاف الاجتماعات، حيث أوضحا إنّه "حلّ محل سليماني". ولفت المصدران إلى انّ كوثراني "وبّخ" المجموعات مثلما فعل سليماني في أحد اجتماعاته الأخيرة، وذلك بسبب تقاعسها عن التوصل لخطة موحدة لاحتواء الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة العراقية. وأضاف المصدران إن كوثراني حث على تشكيل جبهة موحدة في اختيار رئيس وزراء جديد للعراق، وذلك قبل تسمية وزير الاتصالات العراقي السابق محمد توفيق علاوي رئيسا للوزراء.
وبيّن المصدران العراقيان وزعيم عراقي رفيع من أبناء الطائفة الشيعية أنّه يُنظر في الوقت الحالي إلى كوثراني على أنه "الشخصية الأنسب لتوجيه الفصائل المسلحة العراقية إلى أن يتم اختيار خليفة إيراني دائم". وقال الزعيم العراقي: "كوثراني له صلات مع الفصائل المسلحة"، مشيرا إلى أنه ولد في النجف ويعيش في العراق منذ عقود ويتحدث باللهجة العراقية. وأضاف: "كان سليماني يثق به واعتاد الاعتماد عليه والاتصال به لمساعدته في الأزمات وفي الاجتماعات في بغداد".
وقال أحد المصادر العراقية المقربة من الفصائل إن الكوثراني التقى أيضا بالسيد مقتدى الصدر لإقناعه بدعم رئيس الوزراء العراقي الجديد.
من جهتها، حذّرت مصادر عراقية قريبة من الفصائل المسلحة من أنّ كوثراني سيواجه تحديات خطيرة، "ربما لا يمكن التغلب عليها، حتى يصل إلى مكانة سليماني والمهندس". وقال مصدر عراقي: "يرى الكثير من قادة الفصائل أنفسهم أكبر كثيرا وأهم من أن يأخذوا الأوامر... في الوقت الحالي وبسبب ضغوط من إيران فإنهم يتعاونون معه، لكني أشك في أن هذا سيستمر ويعرف الإيرانيون ذلك".
بدوره، قال قائد عسكري موالٍ لإيراني إنّ تدخل "حزب الله" سيكون للتوجيه السياسي لكنه لن يصل إلى حد توفير القوة البشرية والعتاد للرد على مقتل سليماني، مضيفاً "الفصائل العراقية هي التي سترد على الاغتيال في العراق، وقد جهزت لذلك بانتظار ساعة الصفر... وهي ليست بحاجة لتدخل حزب الله لأنها تمتلك القوة الفائضة بالعدد والكم والخبرات القتالية والقوة النارية".
بدوره، قال مسؤول أميركي كبير في المنطقة وزعيم سياسي عراقي إنه من الصعب السيطرة على هذه المجموعات بينما يُنظر إلى "حزب الله" على أنه أكثر انضباطا. كما تحدّث المسؤول الأميركي عن إمكانية اعتماد إيران جزئياً على نفوذ الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله "جزئيا"، قائلاً: "أعتقد أنه من الناحية الأيديولوجية والدينية، يُعتبر شخصية جذابة للعديد من الفصائل المسلحة الشيعية العراقية".