لا صدف في الحياة. هذا ما تقوله التجربة. ولعل لبنان أكثر ما تنطبق عليه هذه المقولة.
إذ قبل تكليف الرئيس سعد الحريري، كان معظمنا قد أجمع على أن سعر صرف الدولار مقابل الليرة سينخفض في السوق السوداء. فجميعنا يعرف أن أسباب الكارثة التي حلت بعملتنا الوطنية غير بعيدة من السياسة، وإن كانت كل الدوافع الإقتصادية المضعفة للقدرة الشرائية والليرة واضحة.
هكذا إذن، انخفض سعر صرف الليرة مقابل الدولار، نحو 10% مما كان عليه قبل تكليف الحريري. لماذا؟ وكيف حصل ذلك؟
يجيبنا عن هذا السؤال وغيره من الأسئلة المتصلة به الخبير المالي وليد أبو سليمان، إذ يقول في حديث لــ "لبنان 24"، إن "سوق النقد اللبناني اليوم يخضع لعوامل نفسية، وهذا يدفع الناس إلى اتخاذ خيارات تتعلق بأموالهم في البيوت، تبعاً للمناخات السياسية. تكليف الرئيس الحريري أشاع نوعاً من تنفيس الإحتقان، وهذا كان له انعكاساته على سوق الدولار حيث شهدنا انخفاضاً في سعر صرفه مقابل الليرة".
لكن هل يستمر هذا الحال طويلاً؟ هذا التساؤل يطرحه اللبنانيون اليوم، إلا أن الجواب عليه هو بالنفي، إذ يقول أبو سليمان إنه "لن يكون بمقدور هذا الإنخفاض أن يستمر لوقت طويل. وهذا يعود إلى وضعية الإقتصاد اللبناني، حيث أن الأسباب والمؤشرات الإقتصادية التي أسفرت عن أزمة الليرة لم تتغير".
ويشرح: "في سوق العرض والطلب لم يزل الطلب على الدولار مرتفعاً. فالمصارف والمصرف المركزي غير قادرين على ضخّ ما يلزم من الدولار في السوق لضبط سعر الصرف"، حيث أن "التجار يواصلون الإستيراد بالعملة الصعبة ولعدم وجود دولارات في المصرف المركزي، فإنهم يتوجهون حكماً إلى السوق السوداء للحصول عليه".
وكذلك الأمر بالنسبة لقطاعات أخرى كالقطاع الصحي، حيث أثيرت منذ أسبوع وقبلها مشكلة دعم الدواء وعدم قدرة بعض المستشفيات على استقبال المرضى.
ويضاف إلى كلام أبو سليمان، أن ارتفاع سعر الليرة مقابل الدولار وتحسين القدرة الشرائية للعائلات اللبنانية، لن يتحقق ما لم يشهد الإقتصاد اللبناني نمواً فعلياً وهذا لن يحصل إذا بقينا نستورد ما نسبته 90% من حاجتنا.
الدولار الى ارتفاع؟
"ما يحصل اليوم آني ولن يدوم طويلاً، والدولار سيواصل صعوده"، يحسم الخبير المالي الأمر ويضيف:" ليس لدينا احتياطياً كبيراً من العملات الأجنبية، والناس والشركات لا منقذ لها الا السوق السوداء". وعليه، فإن ما يجري اليوم بحسب أبو سليمان، سببه "وجود أيادٍ خفية وعصابات ومافيات تتلاعب بالسوق السوداء، لخلق نوع من الهلع يدفع اللبنانيين إلى بيع دولاراتهم بأسعار مخفضة".
ماذا يفعل اللبنانيون؟
يقول أبو سليمان إن "المطلوب من المواطن اللبناني ألا يقع ضحية دعايات كارتيلات الدولار في السوق السوداء ويتروى. و(يلي معه دولار يخبّيه)".
ويضيف: "طالما لا وجود لخطة إنقاذية ولا لحكومة تتخذ خطوات إقتصادية كبيرة تستلزم سنتين على الأقل، وبقي ميزات المدفوعات اكبر بكثير من ميزان المقبوضات، لن يتغير وضع الدولار".
ويتوقع أنه في حال تشكيل حكومة تتفاوض مع "صندوق النقد الدولي" وتقبل بشروطه لضخ مليارات في المصرف المركزي، فإن سعر الصرف سيتراوح بين 5900 و6000 ليرة مقابل كل دولار، حيث لا عودة إلى سعر الصرف 1500.