حذرت القوى الغربية المسؤولين اللبنانيين من أنّه "لا خطوات لإنقاذ البلاد من عثرتها ما لم يشكلوا حكومة تتمتع بالمصداقية لإصلاح الوضع في الدولة المفلسة وعلى وجه السرعة".
وبحسب تقرير نشرته وكالة "رويترز"، بدأ الصبر ينفد لدى فرنسا والولايات المتحدة وغيرهما من الدول المانحة، التي سبق أن قدمت مساعدات للبنان أكثر من مرة منذ الحرب الأهلية التي درات رحاها بين عامي 1975 و1990.
وقال مصدران شاركا في محادثات جرت في بيروت الأسبوع الماضي إن باتريك دوريل مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أوضح في المحادثات أنه رغم حفاظ باريس على تعهداتها "فنحن لن ننقذهم ما لم تكن هناك إصلاحات".
وقال دبلوماسي غربي إن فرنسا ما زالت تحاول استضافة مؤتمر لبحث إعادة البناء في بيروت بنهاية تشرين الثاني لكن الشكوك قائمة.
وأضاف الدبلوماسي: "لا توجد أي تطورات. الساسة اللبنانيون عادوا إلى أسلوبهم في العمل، والمقلق هو التجاهل التام للشعب".
من جانبها، قالت السفيرة الأميركية دوروثي شيا في مؤتمر عبر الهاتف لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن يوم الجمعة إن الولايات المتحدة "تدرك أن لبنان مهم" وأن "تحاشي فشل الدولة... يجب أن تكون له الأولوية القصوى".
لكنها أضافت "لا يمكن أن نرغب في ذلك فعلا أكثر من رغبتهم هم فيه". وأكدت أنه لا خطط إنقاذ من دون إصلاحات.
وتابعت "اكتسبنا حنكة"، مضيفة أنه سيكون هناك "نهج تدريجي خطوة بخطوة ولا شيء مجانيا".
وتقول مصادر رسمية إن النقطة الرئيسية العالقة هي إصرار الرئيس ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل على تعيين وزراء في الحكومة المكونة من 18 وزيرا. ويريد الرئيس المكلف سعد الحريري أن يكون كل الوزراء من المتخصصين ولا صلة لهم بالأحزاب السياسية.
وقال مصدر على صلة وثيقة بالمحادثات إن بعض المعنيين ذكروا أن باسيل هو العقبة الرئيسية أمام تشكيل الحكومة. وينفي باسيل هذا الاتهام قائلا إن من "حق حزبه أن يسمي وزراء بما أن آخرين استطاعوا تسمية وزراء".
بدورها، قالت عدة مصادر إن الجمود الحالي هو وضع انتحاري للبلاد التي تستنفد ما لديها من احتياطيات أجنبية بسرعة. وتقدر هذه الاحتياطيات بمبلغ 17.9 مليار دولار فقط.
وبسبب العقوبات، التي سلمت السفيرة شيا بأنها جزء من حملة "الضغوط القصوى" التي تفرضها إدارة دونالد ترامب على إيران، تتجه إيران وحلفاؤها للانتظار حتى يترك ترامب منصبه. غير أن بعض المسؤولين في لبنان حذروا من لعبة الانتظار.
وقال مصدر سياسي رفيع مطلع على المحادثات "الرسالة الواردة من الفرنسيين الآن واضحة: لا حكومة ولا إصلاح إذا فمع السلامة وشكرا".
وأضاف "وإذا غسل الفرنسيون أيديهم من هذا الأمر، فمن سينظر إلينا؟ الخليج؟ الولايات المتحدة؟ لا أحد".
وتابع "في نهاية اليوم، لا يعرفون كيف يتعاملون مع الظروف الاستثنائية والتحديات... نحن ما زلنا نتعامل مع تشكيل الحكومة وكأننا نعيش أياما عادية".
وقالت السفيرة شيا إن على المانحين التشبث بموقفهم وإلا فإن النخبة السياسة لن تأخذهم على محمل الجد.