ما نسمعه كل يوم وما نشهده من تطورات متسارعة على أرض الواقع لا يبشرّ بالخير. الأخبار سوداوية. الأجواء تشاؤمية. لا مكان للتفاؤل في كل ما نعيشه ويعيشه اللبنانيون لحظة بلحظة. الأفق مسدود. الأخبار الآتية من وراء البحار لا توحي بقرب الإنفراج. خوف حقيقي من إنفجار إجتماعي بعد كثرة الحديث عن مجاعة بدأت تدّق أبواب اللبنانيين. حديث عن رفع الدعم عن القمح المستورد والدواء والمحروقات. ما يخيف أكثر أن هذا الحديث بدأ يتطرق إلى أرقام مقلقة، كمثل أن ربطة الخبز ستصبح 6 الآف ليرة، وصفيحة البنزين بـ80 ألف ليرة، وأسعار الدواء سترتفع ثلاث مرّات عن سعرها الحالي. الدولار يرتفع على حساب الليرة اللبنانية، التي أصبحت أرخص من الفجل، خصوصًا أن ثمة من يقول أن لا سقف لسعر صرف الدولار في الأسواق اللبنانية. وفي هذه الحال ستكثر البطالة وسيكثر العاطلون عن العمل، وسترتفع الصرخات من كل حدب وصوب.
ومع هذا كله نرى المسؤولين عندنا يتسلون ويتلهون بالقشور. على كم وزير ستحصل هذه الفئة، من يسمي الوزراء المسيحيين، هل هو رئيس الجمهورية أم الرئيس المكلف؟ فإذا كان الشيعة سيسمون وزراءهم، وكذلك الدروز والسنة فلماذا لا يسمي الرئيس عون، ومن خلفه النائب جبران باسيل الوزراء المسيحيين؟
شيء مضحك ولكنه مبكٍ في آن. الناس في وادي الدموع، والمسؤولون يذرفون دموع التماسيح. لا من يسأل ولا من يحاسب.
المهتمون بالوضع اللبناني من الخارج، وبالأخص الفرنسيين، يقولون للبنانيين بالعربي المشبرح، إذا لم تساعدوا أنفسكم لن تجدوا بعد اليوم من يقف إلى جانبكم ويساعدكم. لن يحب الفرنسيون لبنان أكثر مما يجب أن يحبه أبناؤه ويغارون على مصالحه، ويهمهم أن يكون الإنقاذ سريعًا، ولكن ما نراه ونلمسه لمس اليد لا يوحي بأن المسؤولين عندنا مهتمّون بعملية الإنقاذ هذه، وهم لا يزالون يتعاطون في الشأن العام وفي الأمور المصيرية بخفة ما بعدها خفّة، بحيث نجدهم يتقاذفون المسؤولية، لأن لا أحد منهم على إستعداد للتضحية من أجل الخير العام.
البلد يا جماعة ينهار ويكاد يمسي إسمًا على غير مسمّى، في الوقت الذي إحتفلنا فيه بالذكرى الـ 77 لإستقلاله، الذي أصبح شعارًا ليس إلا، لأن الإستقلال الحقيقي لا يكون بالإحتفال بدفن وطن سفك من أجل عزته وكرامته وعنفوانه الكثير من الدماء، وبذل الكثير من التضحيات.
ماذا بقي من هذا الإستقلال، أو بالأحرى ماذا أبقوا لنا منه؟
بغضّ النظر عن جائحة كورونا فإن ذكرى الإستقلال مرّت هذه السنة حزينة، وما زاد من هذا الحزن ما سمعناه من معلقات بكائية، بدلًا من أن تكون هذه المناسبة للتحفيز وشدّ الهمم، وكأن المقصود إنتزاع ما تبقّى من روح معنوية لدى الشعب، ولو ضئيلة، لكي يبقى صامدًا في وجه الرياح العاتية، على رغم أن لا شيء في الواقع يشجّع كثيرًا على التفاؤل، ولو كان نسبيًا.