Advertisement

لبنان

مُهمل عربياً ودولياً.. لبنان نحو الإفلاس الشامل والانهيار الكامل

Lebanon 24
26-11-2020 | 02:00
A-
A+
Doc-P-769449-637419751199507977.jpg
Doc-P-769449-637419751199507977.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger

كتب منير الربيع في "المدن": تضجّ الأجواء الديبلوماسية العاملة في لبنان بخلاصة واحدة: الطبقة السياسية اللبنانية لم تعد قابلة للاستمرار، إلا بالتعايش مع هذا الانهيار الذي يبقيها قائمة قبل الوصول إلى ما تحت صفر الإفلاس الكبير.

 

عقوبات ومساعدات إنسانية

فالقوى السياسية اللبنانية لم تعد تمتلك مقومات حماية مواقعها في النظام اللبناني المهترئ، لأنها كانت تحمي استمراريتها بمفعول الدعم الخارجي، مالياً وسياسياً. وهذا ما كان يوفر لها مقومات البقاء والصمود.

 

واليوم غابت أشكال الدعم كلها، وحضرت العقوبات والمقاطعة. وما من بوادر اهتمام بلبنان إلا من باب العقوبات، وأحياناً المساعدات الإنسانية. ولبنان مهمل عربياً ودولياً، وقواه السياسية عاجزة عن توفير الشروط المالية والقانونية المطلوبة منها دولياً لمنع الإنهيار. بل هي عاجزة أيضاً عن إدارة شؤونها السياسية.

 

نظام الإخوة الأعداء

وعلى الرغم من منازعاتها وعداواتها، تنظر هذه القوى إلى نفسها على أنها سلسلة مترابطة، تحتاج كل منها إلى الأخرى لتستمر وتبقى. وهي تدرك غريزياً أن تحطم إحدى حلقاتها سيودي بالأخريات تباعاً.

 

لذلك تحرص كل منها على حماية الجميع، بمعزل عن العداوات وحروب الإلغاء والتصفيات التي تخوضها في ما بينها على مكاسب سياسية أو مالية أو مصلحية.

 

وفي صراعها على البقاء تستنبط هذه القوى السياسية ما يمكنها من تمديد "ولايتها السياسية": يثير قوة منها معركة التدقيق والتحقيق المالي الجنائي. فتفتح أخرى معركة قانون الانتخابات. فيما تتبادل كلها التهم والمشاحنات حول تشكيل الحكومة.

 

بين الوفرة والشّح

ومعاركها كلها تتغلّف بلبوس مذهبية وطائفية تسمح لكل من هذه القوى بشد عصب جمهورها ومواليها. وعملها هذا يشبه آلية عملها في السابق، في زمن الوفرة: توزيع الريوع على مواليها، وتخزين ما أتيح لها من موارد تستعملها في أيام الشح و"الجوع" في مرحلة الانهيار.

 

وفي فترات الجوع يصبح "ثمن" الموالي، أي ما يقيه من العوز والجوع أبخس بكثير من "ثمنه" شبعاناً مترفاً. وها هم موالي الشِّيع اللبنانية يراهنون على مساعدات تقدمها أحزابهم أو تياراتهم في إطار استعادة لمّ شمل ما تفرّق من حولها، بإشغال اللبنانيين سياسياً ومذهبياً وبشعارات مختلفة عن الهم الأساسي الذي أدى إلى الإطاحة بكل مكتسباتهم وحقوقهم ومدخراتهم.

 

العرس - الجنازة

لكن بعض القوى المحلية أصبحت على يقين بأنها غير قادرة على الإستمرار.

 

لذا تدفعها غريزتها أو فطرتها إلى القتال دفاعاً عن وجودها، سواء في السعي لتشكيل حكومة، أو بفتح معارك وهمية وقودها خطابات مستمدة من أزمنة غابرة. هذا فيما قوىً أو أطراف أخرى تقف موقف المراقب الحائر والمتفرج على يجري ليجد له موقعاً ما في العرس – الجنازة، خشية غيابها عن الساحة.

 

ولن يكون سقوط هذه القوى السياسية سريعاً ولا كاملاً، بل على مراحل، وباختراقات طفيفة قد تؤدي إلى دخول عناصر وقوى جديدة إلى المعترك السياسي. وهذه عملية تحتاج إلى سنوات مديدة، قد تساوي سنوات الخراب الطويلة.

 

تأجيل الانهيار الكبير

أما الانهيار الحالي الذي يجري البحث عن تأجيله أو تأخيره بإجراءات متعددة، منها خفض مصرف لبنان الاحتياطي الإلزامي من 15 إلى 12 في المئة، لتوفير القدرة على الاستمرار في دعم السلع. وهذا الإجراء يعني سحب 3 بالمئة من الاحتياطي الإلزامي كل سنة، لتوفير مقومات الدعم. ويعني أيضاً أن لبنان يذهب نحو الإفلاس الشامل والانهيار الكامل، ولكن بعد سنوات وليس سريعاً.

 

في هذه الحال تكثر الصراعات المذهبية والطائفية، والتي يشهدها اللبنانيون حالياً، سواء في انقسامهم حول التدقيق المالي الجنائي، أو حول قانون الانتخابات، أو حول ما يأتي بعدها من طروحات متجددة، أوسع وأعمق: الدعوات إلى الفيدرالية والتقسيم، الرائجة في بعض الكواليس التي تحمِّل حزب الله المسؤولية الكاملة عن الانهيار، بسبب سلاحه وأنشطته الخارجية. ولا يعبأ هؤلاء بذهاب حزب الله إلى بناء منطقته المنفصلة وتعزيزها بسلاحه، مقابل تكريس مبدأ المناطقيات أو الجزر الطائفية في إطار دولة لامركزية.

 

أوهام اللبنانيين وإفلاسهم السياسي

لا يظهر هذا الانحدار أزمة القوى السياسية اللبنانية وزعمائها فقط، ولا أزمة الحكم أو النظام في لبنان. بل هو يكشف عقماً اجتماعياً - سياسياً في عدم قدرة اللينانيين ومجتمعهم على إنتاج نموذج سياسي للحكم، قادر على أن يمكِّنهم من حكم أنفسهم بأنفسهم.

 

كأنما لا لبنان ولا جماعاته كانا يتمتعان بمقومات من الاستقلال. بل لطالما كان لبنان على تقاطعات اهتمامات دولية وإقليمية، ورعاية مالية وسياسية مماثلة، وكانت توفر له التوجيهات اللازمة للاستمرار.

 

اليوم تحول الوضع جذرياً في محيط لبنان، ولم يعد أي من الجهات الخارجية معنياً به ليظل كما كان في السابق: حيز تواصل أو توصيل رسائل سياسية وديبلوماسية وعسكرية حامية.

 

لذا، لم تعد المشكلة لا في تشكيل حكومة، ولا في الحصول على مساعدات خارجية، أو في الرهان على النفط والغاز اللذين قد يستخرجان بعد سنوات بعد إرساء تفاهم على ترسيم الحدود والاستقرار في الجنوب.

 

وهذه كلها ليست سوى ذرائع سياسية تستخدم لتأجيل الانهيار باسنزاف الاحتياطي الالزامي، أو بالرهانات الخاطئة على متغيرات إقليمية وانتخابات أميركية، يظن اللبنانيون أنها ستغير الوقائع وتعيد لبنان إلى صدارة الاهتمام.

Advertisement
المصدر: المدن
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك