يبدو أن جميع القوى السياسية من دون استثناء قد سلم بمنطق الانتظار في تشكيل الحكومة، على أمل ان تشكل ادارة الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن تغييراً في المعطيات التي يستند اليها التشكيل.
بالامس بدا واضحا أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أدار اجتماع المجلس الاعلى للدفاع على قاعدة إملاء الفراغ في الصلاحيات التنفيذية التي من المفترض بالحكومة القيام بها وهو ابلغ الرئيس حسان دياب بضرورة التوسع في صلاحية تصريف الاعمال من منطلق ان لا حكومة قريباً، لكن ثمة غموض يظلل رؤية معظم القوى المعنية في فهم خلفية الموقف الحقيقي للرئيس المكلف سعد الحريري اذ يتساءل كثيرون عن الاسباب العميقة لانكفائه وعدم مبادرته لايجاد مخارج لعقدة التأليف.
من ناحيتهم التيار الوطني الحر وثنائي حزب الله - حركة امل يريدان حكومة بالشراكة، فالثنائي يعتقد في حدود كبيرة انه قد وصل الى مبتغاه اذ ان التفاهم انجز مع الرئيس الحريري وبقي موضوع الاسماء؛ الا اذا استجد امر ما في حسابات الرئيس المكلف. وفي هذا السياق تلقي مصادر مطلعة الكثير من الشكوك على ما يجري اشاعته وتداوله من ان ثمة اعتراض اميركي على مشاركة حزب الله في الحكومة حتى لو بطريقة غير مباشرة عبر اختصاصيين او مستقلين يسميهم الحزب، فكل ما سرب في هذا السياق لم يرق بعد الى مستوى ان يتم التعبير عنه في موقف اميركي رسمي، وما هو واضح في الموقف الرسمي الاميركي ان واشنطن سوف تقاطع اية وزارة سوف يسمي حزب الله وزيرها لذلك ليس من المرجح ان يكون هناك جديد في حسابات الثنائي الشيعي مع ادارة بايدن.
اما تكتل لبنان القوي، فإن خلفية موقفه واضحة ولا لبس فيها، تقول المصادر نفسها، وهي ذاتها في هذه المرحلة وفي مرحلة ما بعد انتهاء ولاية الرئيس دونالد ترامب، بحيث ان هذه الخلفية تنطلق من انه لا مصلحة مطلقة للتيار الوطني الحر ولا لرئيس الجمهورية ان لا يكونان في موقع الشريك الفاعل في الحكومة العتيدة في ما تبقى من الثلث الاخير من ولاية الرئيس عون خاصة في ظل حجم المشاكل والتراجعات والاخفاقات التي منيا بها في السنوات الاربعة الماضية.
لكن ماذا حول خلفيات وحسابات الرئيس الحريري؟ وماذا سوف تقدم له ادارة بايدن من معطيات جديدة يمكن ان يستند اليها في تذليل العقد التي تحول دون تشكيل الحكومة؟
لا يملك معظم المعنيين اجابة واضحة ونهائية حول هذا الموضوع، ويسأل هؤلاء، هل اداء الحريري مجرد انتظار من دون اي يقين وتعويل على المجهول؟ ام ان ثمة نوع من التفاهم بين الحريري والفرنسيين بشخص الرئيس ايمانويل ماكرون بأن باريس سوف تكون مطلقة الصلاحية في الملف اللبناني خلال ولاية بايدن وبالتالي الرهان على الحاجة الى الاستنزاف الذي سيوصل الفريق الاخر وتحديدا الرئيس عون وخلفه النائب جبران باسيل الى التسليم بما لا يطيقانه؟ وليس بعيدا هناك من يتحدث عن رهان آخر مرده "Mechanism اقليمي" جديد سوف تطلقه ادارة بايدن تحت عنوان اعادة العمل بالاتفاق النووي والعودة الى سياسة الاستقرار الاقليمي التي ستفتح قنوات الحوار على مصراعيها بما فيها الحوار السعودي – الايراني بدفع اميركي، فبايدن عندما تحدث منذ يومين عن إمكانية العودة للاتفاق النووي مع طهران، قال سيكون الأمر صعبا لكن نعم"، وهو يريد توسيع الاتفاق النووي ليشمل الدول المجاورة لطهران كالسعودية والإمارات وفق ما نقلت عنه صحيفة نيويورك تايمز، علما أنه اذا صح هذا السيناريو، سيجد اللاعبون السياسيون في لبنان انفسهم امام بيئة مختلفة لا معنى فيها للتشدد في المواقف.
امام هذه الافتراضات المختلفة، ليس على اللبنانيين الا الانتظار في ظل التسارع في مسار الانحدار الاقتصادي والمالي والاجتماعي والمخاوف المستجدة على المستوى الامني، وجميعها تجعل المواطن في حالة من التخبط والقلق.