مجدّداً، خطف رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط الأضواء، على خطّ الملفّ الحكوميّ، ربما لأنّ "الجمود" يطغى عليه منذ أكثر من 20 يوماً، وربما لأنّ "البيك" يجاهر كما لا يفعل غيره، ممّن يفضّلون "الصمت" الذي لم يعد "حكيماً".
انتقد جنبلاط "المحاصصة" الحاصلة على خطّ الحكومة، بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، والتي قال إنّها السبب في عدم ولادة الحكومة حتى اليوم، واصفاً إياها بـ "المهزلة"، بل ذهب أبعد من ذلك في انتقاداته "الفجّة"، مصنّفاً ما يحصل بأنّه "لعب أولاد".
لكنّ جنبلاط الذي أبدى "امتعاضاً" من نهج "المحاصصة"، دخل على خطّها بانتقاداته، حين تحدّث عمّا "عُرِض" عليه، مقارنةً بما يريده الرئيس عون مثلاً، أو حين كشف عن عرضٍ سمعه ويقضي بأن تحصل كتلة "اللقاء الديمقراطي" على حقيبة الخارجيّة، أو السياحة، الأمر الذي وصفه بـ "المزحة الثقيلة".
وعود... وتخبّط!
تذكّر "صرخة" جنبلاط هذه بتلك التي صدرت عنه عشيّة الاستشارات النيابيّة لتسمية رئيس الحكومة، حين أبدى اعتراضاً مُطلقاً على تسمية الحريري، قبل أن تحصل "تسوية" بين الرجلين بموجب اتصالٍ هاتفيّ جرى بينهما، طوى صفحة وفتح صفحة أخرى، لا يبدو أنّها "صمدت" كثيراً، بدليل السجال الجديد، ولو بقي "أحادياً".
وفي وقتٍ يؤكّد المقرّبون من جنبلاط، رفضه و"الحزب التقدمي الاشتراكي" الدخول في أيّ سجال، واضعين ما قاله "البيك" في إطار التوصيف الواقعي للأمور، لا أكثر ولا أقلّ، فإنّ هناك من يشير إلى أنّ أكثر ما "يزعج" جنبلاط هو إصرار البعض، ولا سيما "العونيّين"، على الترويج لرواية أنّ "الاشتراكي" حصل على ما يريده من الحريري، وأنّ كلّ ما يطالبون به هو مساواتهم به، وهو ما لا يعكس الحقيقة أبداً.
ويشير هؤلاء إلى أنّ جنبلاط الذي ذهب إلى تسمية الحريري، بناءً على اتصال "المصارحة" الذي جمعهما، وبعد تلقيه بعض "الوعود"، انتظر ترجمة هذه "الوعود"، لكنّه تفاجأ بـ "حملاتٍ مضادّة" تعرّض لها، فيما كان الحريري "يتخبّط" بالعروض والعروض المُضادّة، فيقترح شيئاً ثمّ يعدل عن رأيه، ويطرح فكرة ثمّ يتراجع، وهو ما يعكس "ارتباكه" نتيجة "الضغوط" التي يتعرّض لها من هنا وهناك.
"غيمة صيف"؟
يرفض "الاشتراكي" الانتقادات المضادة التي وُجّهت لجنبلاط بذريعة أنّه يرفض "المحاصصة"، ثم يدخل على خطّها بقوة، عبر وضع شروطٍ حول "حصّته" مذهبيّاً، ويقول المحسوبون عليه إنّ مثل هذا التفسير ليس دقيقاً، وإنّ ما قاله جنبلاط جاء من موقع ردّ الفعل على "المهزلة" الحاصلة، فهناك من يريد "احتكار" كلّ الحقائب السيادية والأساسيّة، رافعاً لواء "وحدة المعايير"، وهو ما لا يمكن أن يستقيم في الشكل وفي المضمون.
وفيما يشير هؤلاء إلى أنّ المشكلة تبقى في "ذهنيّة" التعاطي مع الملف الحكوميّ، مذكّرين بأنّ "الاشتراكي" كان موافقاً على التنحّي، وترك رئيس الحكومة المكلّف يسمّي اختصاصيّين لا علاقة لهم بالأحزاب، لكنّه لن يقبل بتحويله إلى "كبش فداء"، يأتي الردّ عليهم من الخصوم بأنّ جنبلاط كان "البادئ" أصلاً، باتصاله الشهير مع الحريري، خصوصاً بعدما أوحى أنّ تسميته للرجل أتت بناءً على "سلّة متكاملة" اتفقا عليها، تتضمّن في جملة ما تتضمّنه الحصّة الوزاريّة الدرزيّة، وقد سُرّب في الإعلام كلامٌ واضحٌ عن ماهيّة هذه الحصّة، ونوعيّة الحقائب التي يريدها "البيك".
من جهته، يرفض تيار "المستقبل" الدخول في سجال، مكتفياً بما قاله النائب السابق مصطفى علوش قبل أيام، حين وصف انتقادات جنبلاط بأنّها عبارة عن "غيمة صيف وستمرّ". وفيما يغمز مقرّبون منه إلى أنّ كلام جنبلاط يأتي في مسعى منه "لضمان حصّته" بأيّ شكلٍ من الأشكال، تفادياً لـ "الاستفراد به" إن جاز التعبير، يشيرون إلى أنّ الحريري متمسّك بما أعلنه منذ اليوم الأول حول مهمّته، ويصرّ على ضرورة التوصل إلى صيغة حكوميّة تستطيع أن تبصر النور، مع تلبية المتطلبات الدولية لتستطيع إنقاذ البلاد، وهو الأساس في هذه المرحلة.
بين الفينة والأخرى، يعود جنبلاط إلى الواجهة من بوابة تعليقٍ "جريء" هنا، أو موقف "نافر" هناك، لكنّ الأكيد أنّ ما قاله عن "لعب الأولاد"، حتى لو كان "حقاً يراد به باطل"، كما يرى البعض، هو "حقّ مُطلَق" برأي كثيرين، ممّن لا يزالون عاجزين عن تفسير "المهازل" الواقعة على خطّ الحكومة، من محاصصة وشروط، في نهجٍ قد يرقى لمستوى "الوقاحة الموصوفة"!