تحت عنوان العالم كله يضغط لتشكيل حكومة.. هل يفعلها الحريري اليوم؟، كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": كما كان متوقعا، فقد رفعت فرنسا من مستوى الضغط السياسي لتذليل العقبات التي تحول دون تشكيل الحكومة، مستفيدة من كسر الجمود الذي كان مسيطرا بعد اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري يوم الاثنين الفائت، وهو من المفترض أن يتجدد اليوم لحسم الأمور كما تشير المعلومات.
العالم كله يكاد يضغط من أجل تشكيل الحكومة ويحذر من أن “لا مساعدات ولا تقديمات ولا صندوق نقد دولي من دون أن تبصر النور”، بينما تعيش القيادات اللبنانية في كوكب آخر، فتختلف على الحصص الوزارية وعلى النفوذ داخل الحكومة ما يعطل عملية التأليف.
البلد ينهار ورفع الدعم على الأبواب والجوع يطل برأسه على البيوت اللبنانية، والحكومة أصبحت حاجة أكثر من ملحة وضرورية للجميع، لكن لا حياة لمن تنادي في السلطة السياسية التي قررت أن مصالحها ومكاسبها وطموحاتها وتمسكها ببعض الحقائب وبأسماء بعض الوزراء أهم من لبنان وأهم من شعبه الذي يشعر بالذل والضعف في ظل “العهد القوي”.
يبدو واضحا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يزداد إصرارا على إنجاح مبادرته التي تمكن من توسيع دائرة دعمها بدءا بألمانيا مرورا بالاتحاد الأوروبي الذي تبناها بالكامل وصولا الى غض نظر عربي وتحديدا سعودي، وهو بحسب المعلومات باشر مع معاونيه بإجراء سلسلة إتصالات إستباقا للقاء المرتقب بين عون والحريري اليوم، لتقريب وجهات النظر والوصول الى قواسم مشتركة بينهما خصوصا لجهة إيجاد صيغة توافقية على الوزراء المسيحيين، وبت الخلاف القائم حول وزارتيّ الداخلية التي يريد عون تسمية وزيرها بمفرده، والطاقة التي يسعى الى إبقائها في عهدة التيار الوطني الحر بناء لرغبة جبران باسيل.
تشير المعلومات المتوفرة الى أن الاتصالات الفرنسية وربما الأوروبية ستستمر حتى موعد اللقاء، وأن الرئيس ماكرون لن يعدم وسيلة من أجل حصول التوافق الذي قد يفضي الى تشكيل حكومة، خصوصا مع التسريبات التي تحدثت عن أن أول غيث هذا الضغط المستجد هو قبول الرئيس الحريري بأن يتعامل مع باسيل كما تعامل مع “الثنائي الشيعي” أي أن يفترح باسيل إسما لوزارة الطاقة يرضى عنه الحريري، والأمر نفسه بالنسبة لوزير الداخلية الذي يقترحه رئيس الجمهورية ويوافق عليه الرئيس المكلف.
تقول هذه المعلومات إنه في حال أثمرت المساعي الفرنسية فإن الحكومة قد تولد قبل الأعياد، وعندها تصبح زيارة ماكرون الى لبنان رئاسية بامتياز يلتقي فيها المسؤولين اللبنانيين للبحث في آلية البدء بتقديم المساعدات، وفي حال فشلت من جديد، فإن القطيعة ستعود لتفرض نفسها بين بعبدا وبيت الوسط، إلا إذا فعلها الحريري وسلم رئيس الجمهورية اليوم تشكيلة حكومية كاملة تضعه أمام مسؤولياته، فإما أن يوقع عون مراسيمها أو أن يرفضها، وعندها يبقى الحريري رئيسا مكلفا الى ما شاء الله، ويستمر عون في تجاوز حكومة تصريف الأعمال ومخالفة الدستور بـ”المجلس الرئاسي”، وفي فتح الملفات القضائية إستنسابيا بحسب مصالح التيار الوطني الحر.
اللافت أن عون إستقبل أمس مجلس القضاء الأعلى وطلب منه تفعيل العمل القضائي، علما أنه ما يزال يعطل فيه التشكيلات القضائية التي تمثل روح العمل القضائي، فيما يستخدم تياره القضاء لتصفية حسابات سياسية بملفات “غب الطلب” تسيء الى صورة العدالة في لبنان.