أيامٌ قليلة تفصلنا عن سنة 2021 التي ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر، آملين أن تتحسن الأمور نسبيًا، ذلك بعد أن يئسوا من هذه السنة، المليئة بالنكبات والمصائب، التي أرهقت الشعب الللبناني لعدة أسباب، لن أتكلم عنها حاليًا. ولكن المصيبة الكبرى، التي واجهها اللبنانيون، هي خسارة ودائعهم، وكل أموالهم التي وضعوها في البنوك، ولكن الإشكالية التي يعيشها كل المودعين، من يقف وراء مصيبتهم؟ من الصادق في هذه الحكاية، الحاكم أو المصارف اللبنانية؟.
عندمت حصلت الأزمة العالمية في العام 2008، شهدنا إنهيارات وإفلاسات لكبرى الشركات والمصارف العالمية، إنطلقت الأزمة المالية في شباط 2007، وكانت شرارتها أزمة قروض الرهن العقاري بالولايات المتحدة، ثم إنتقلت إلى البورصات والمصارف وشركات التأمين ثم إنتقلت إلى كل العالم.
ولكن الجدير بالذكر، أن القطاع المصرفي والمصارف اللبنانية لم يتأثروا إطلاقًا من هذه الأزمة، ولقد أثبت القطاع المصرفي قوته وصموده أمام تلك الموجة القوية، ولكن الأمور اليوم أختلفت تمامًا، لقد صرح الأمير محمد بن سلمان في أواخر 2019 قائلاً: "سوف يأتي اللبنانيون إلينا هرولةً في أواخر شهر آذار". فليس من الصدفة، أن يكون هذا التاريخ هو أخر موعد للمودعين، يحصلوا فيه على جزءٍ زهيد من أموالهم بالدولار طبعًا وبالتقسيط، مما يؤكد، أن عملية تجفيف الدولار من الأسواق اللبنانية، هو قرار السياسي خارجي، منذ ذلك الوقت، بدأ الدولار رحلته التصاعدية حتى وصل قيمته إلى 9000 ليرة تقريبًا.
إنطلاقًا من ذلك التاريخ، بدأ الجدال والإتهامات والتقاذفات، عن من يقف وراء إختفاء أموال الناس؟.
الجدير بالذكر، أن حاكم مصرف لبنان صرح أمور عدّة، من خلال مقابلات تلفزيونية عدة، ولقد أحدثت تصاريحه نوعًا من الإلتباس.كما هو معلوم، إن القدرة الشرائية للمواطن، إنخفضت بشكل كبير ذلك عقب التضخم الذي تعرضت له الليرة اللبنانية، إضافةً إلى وجود ثلاثة أسعار للصرف في الأسواق اللبنانية. فهذه العوامل، أدت بطبيعة الحال؛ إلى إنخفاض في الإستيراد وترشيده للحفاظ على ما تبقى من الإحتياط النقدي، ولكن، لقد رأينا أن الإحتياطي الأجنبي قد أنخفض، رغم كل تلك السياسيات المتبعة، ولكن كيف ذلك؟ بكل بساطة، لقد سدد المصرف المركزي كل ديونه للمصارف المركزية، من ما تبقى من الإحتياطي النقدي الأجنبي في المصرف المركزي. والأهم من ذلك، إن المصرف المركزي، يقوم بدعم عجز الموازنة للدولة اللبنانية عند تطلب الحكومة منه، بالليرة اللبنانية وليس بالدولار، مما يعني أن كل ديون المصارف قد سُددت من قبل البنك وحجة أن الدول اللبنانية هي من أخذت أموال المودعين غير صحيحة، كما أن حجج المصارف اللبنانية، لم تعد موجودة، وأصبح لديها سيولة أجنبية في لبنان كافية لتعيد للمودعين أموالهم وجنى عمرهم.
لا أحد يستطيع إنكار، أن حاكم مصرف لبنان هو المهندس الأول للسياسة النقدية المتبعة منذ التسعينات، وهو من أحد أزلام الطبقة الفاسدة الحاكمة في لبنان، ولكن اليوم، فإن مسوؤلية ضياع أموال الناس تقع على عاتق المصارف اللبنانية التي معظمها تملكها السلطة الحاكمة وأعضاء مجلس النواب، قسمٌ من تلك الأموال استخدموها في شراء عقارات، ويحاولون أن يشتروا اليوم أصول الدولة المفلسة، بأسعارٍ زهيدة مستغلين الأزمة المالية الخانقة. أما الجزء الثاني، لقد تم تهريبه من البلد في أوائل الأزمة، أما اليوم، ومع سداد ديون المصارف حسب تصاريح الحاكم، على المصارف أن ترد الأموال إلى أصحابها وهم المودعون.
عامر جلول \ خاص لبنان 24