حسمها رئيس الحكومة المكلَّف سعد الحريري بعد لقائه الأخير مع رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي "نسف" فيه "إيجابية" اللقاء الذي سبقه، حين قال إنّ حكومةً "إنقاذيّة" يجب أن تؤلَّف بعد رأس السنة، مبدّداً أيّ "آمالٍ" بتحقيق أي "خرق" قبل ذلك.
قبل "ترحيل" الحكومة إلى رأس السنة، كان الحريري حدّد موعداً "حاسماً" للتأليف قبل عيد الميلاد، متحدّثاً عن لقاءات "متسارعة" ستحدث لتحقيق ذلك، لقاءات لم يرصد اللبنانيون منها أكثر من لقاءين "يتيميْن" انتهيا على خلافٍ جديد يبدو مرشَّحاً للتفاقم.
مع فقدان الأمل بولادة الحكومة قبل الميلاد، اعتقد البعض أنّ "العيديّة" التي وعد بها الرجل قد تبقى "سارية" بما أنّ الزمن "زمن أعياد"، لكنّ مثل هذا الظنّ خاب، ببساطة لأنّ السياسيّين يريدون أن "يعيّدوا"، ولا وقت لديهم لتضييعه على الحكومة!
"كلّ المحرّكات جُمّدت"
يقول العارفون إنّه بعد الاجتماع الأخير بين الرئيسيْن عون والحريري، "جُمّدت" كلّ محرّكات التأليف، و"عُطّلت" كلّ الوساطات والمبادرات، سواء المُعلَن منها، على غرار جهود البطريرك الماروني بشارة الراعي، أو غير المُعلَن، من قبيل مبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
يُحكى عن أسبابٍ متعدّدة خلف هذا "التجميد"، من بينها اصطدام هذه الجهود بالتصلّب والتعنّت والنكد، مع إصرار كلّ فريقٍ على مواقفه وشروطه المُسبقة، من دون إبداء أيّ مرونة أو ليونة، وهو ما بدا واضحاً من التسريبات المتبادلة حول الاجتماع الأخير، حيث تبيّن أنّ كلّ ما أشيع عن تقدُّمٍ أحرِز كان مجرّد "أوهام" لم تجد ترجمتها على أرض الواقع، بما فيها ما تمّ تداوله عن "تخلّي" رئيس الجمهورية مثلاً عن الثلث المعطّل.
لكن من الأسباب "الموجبة" لهذا التجميد أيضاً، انشغال المعنيّين بالملفّ الحكوميّ بـ "عطلة العيد"، فبعضهم يريد السفر والاستجمام، وبعضهم الآخر يريد تمضية الوقت مع العائلة والأصدقاء، وهناك من يريد أخذ "قسطٍ من الراحة"، في حين أنّ الحكومة التي انتظرت ثلاثة أشهر تستطيع انتظار المزيد من الوقت، خصوصاً أنّ لا مؤشّرات أصلاً على إمكانية تأليفها في القريب العاجل.
لا حكومة ولا من يحزنون
يدرك الكثير من اللبنانيين، ممّن غلبت "الكآبة" على أجواء احتفالهم بالعيد، الذي جاء "منقوصاً" هذا العام، وبكلفةٍ تفوق رواتبهم الزهيدة أصلاً، أنّهم في وادٍ، فيما سياسيّوهم وممثّلوهم في وادٍ آخر، إلا أنّهم كانوا يمنّون النفس بحِسٍّ من المسؤوليّة، يدفع البعض إلى "التنازل" في زمن الأعياد، لعلّهم "يحصّنون" البلد ويجنّبون شعبه مأزق "الانهيار المحتّم".
لكنّ المشكلة ليست هنا فحسب، بحسب ما يؤكد العارفون، بل في أنّ الحكومة الموعودة والمُنتَظَرة، قد لا تأتي في القريب العاجل، وأنّ "عطلة الأعياد" قد تتحوّل مع بداية العام الجديد، إلى "اعتكافٍ" من نوعٍ آخر، طالما أنّ "ظروف" التشكيل لم تنضج، داخلياً وخارجيّاً، علماً أنّ هناك من لا يزال يصرّ على "ضبط" توقيت الحكومة على "ساعة" استلام الإدارة الأميركية الجديدة زمام الأمور.
وربما من هنا، يجزم البعض بأنّ "لا حكومة ولا من يحزنون" قبل العشرين من كانون الثاني بالحدّ الأدنى، يوم دخول جو بايدن البيت الأبيض، وخروج دونالد ترامب منه، في وقتٍ يدعو البعض لترقّب ما ستحمله الأيام الفاصلة عن هذا الموعد، والتي يُقال إنّ ترامب لن يمرّرها بسهولة، وإنّه يُعِدّ العدّة للكثير من "التشويق" الذي قد يمتزج بـ "الجنون"، ما من شأنه أن يترك تداعياته على المنطقة بأسرها.
في أجواء العيد، ينبغي أن تسود أجواء التسامح والمحبّة، أجواء بات اللبنانيون يفتقدونها في حياتهم اليوميّة، وسط كمّ "الكوارث" التي تسبّبت بها الطبقة الحاكمة، من الأزمة الاقتصادية والمالية، إلى السياسية، مروراً بانفجار المرفأ الرهيب، وما خلّفه من مآسٍ لا تنتهي، ليبقى الأمل بغدٍ أفضل على كلّ المستويات...