تحت عنوان العام الجديد يتسلم الأزمة الحكومية.. الأفق مسدود!، كتب غسان ريفي في "سفير الشمال: إنطلق العام الجديد 2021 محملا بأثقال العام الفائت 2020 والذي يبدو أن تداعياته ستمتد الى سنين عديدة الى حين أن يصبح في لبنان دولة قادرة على حماية شعبها، ورجال دولة على مستوى المسؤولية الوطنية التي تحتم عليهم تشكيل حكومة إنقاذ تساعد في وقف إنهيار الاقتصاد والأمن كما الأخلاق والآمال.
ما شهدته ليلة رأس السنة من رصاص كثيف أطلق من كل حدب وصوب من دون حسيب أمني أو رقيب عسكري لا يوحي أن في لبنان دولة، وما تشهده عملية تأليف الحكومة من تجاذبات وخلافات على وزير بالزائد وآخر بالناقص أو على ثلث معطل ووزارات أمنية يؤكد أن لا رجال دولة في لبنان، خصوصا أنه لا يمكن لأي مسؤول يمتلك ذرة من “الحس الوطني” أن يرى ماذا يحصل في البلد، وأن يسمع تأنيب رجال الدين على إختلاف طوائفهم، وأن يشعر بفقدان الثقة الدولية بالدولة، وأن لا يسارع ويبادر الى تشكيل حكومة للانقاذ السريع.
إنقضى عام، وجاء عام جديد، والعراقيل في عملية تأليف الحكومة ما تزال على حالها من التعنت والتصلب في المواقف، ولعل ما حصل عقب اللقاء الـ 14 الذي جمع بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري من إتهامات بسرقة أسماء، ومن حرب مصادر وسجال بين نواب المستقبل والتيار الوطني الحر قد أوجد هوة سحيقة بين بعبدا وبيت الوسط تحتاج الى مبادرة جديدة لاعادة ردمها وتأمين التواصل من جديد.
تشير المعلومات الى أن البطريرك الماروني بشارة الراعي يصر على الاستمرار بمبادرته التي يباركها بابا الفاتيكان فرنسيس الذي قالت مصادر أنه سيزور لبنان في منتصف شهر آذار المقبل، لافتة الى أن الموفدين الذين يزورون بكركي تباعا لن يقدموا أو يأخروا في موقف الراعي الذي يمارس كل ما لديه من ضغوط على الرئيسين عون والحريري لتشكيل الحكومة اليوم قبل الغد.
يلتقي الراعي بجهوده مع إدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والتي باتت تتخوف أكثر من أي وقت مضى من خطر زوال لبنان بصيغته الحالية، وذلك تحت ضغط التجاذبات والتحولات والنزاعات بين المحاور الاقليمية والدولية.
ولا يخفي الفرنسيون مخاوفهم من أن يكون الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يلوح بالأفق هو المدخل للانهيار الاجتماعي والسياسي والأمني الذي قد يطيح بالدولة والكيان.
وفي هذا الاطار، تؤكد مصادر مطلعة أنه إذا لم تنجح المبادرة الفرنسية في إيجاد تسوية مؤقتة للوضع في لبنان، وإذا بقي لبنان أسير المواجهة بين إيران وبين أميركا ومعها العرب والعدو الاسرائيلي، فإن ذلك قد يؤدي الى تمزيقه وسيذهب حتما نحو الكارثة.
من المفترض أن تُستأنف الحركة السياسية مطلع الاسبوع المقبل، بعودة الرئيس سعد الحريري من إجازته، في وقت لا يبدو في الأفق أية بوادر حلحلة، خصوصا أن فريق العهد بزعامة جبران باسيل سيقاتل الحريري حتى آخر رصيد سياسي لميشال عون، وأن الحريري ماض في منطق النكاية والتجاهل، وفي الاصرار على صيغته الحكومية التي تقضي بتسمية وزراء إختصاصيين، وبعدم حصول أي فريق سياسي على الثلث المعطل، وبتقاسم الوزارات الأمنية بينه وبين عون، وبعدم الاعتذار.
علما وبحسب المعلومات، فإن بعض أركان فريق الحريري يدفعونه الى تقديم تشكيلة حكومية جديدة وفي حال رفض عون توقيعها، يبادر الى إعلان أسمائها ومن ثم الاعتذار وإنقاذ نفسه من تحمل تبعات الوضع الكارثي إقتصاديا وماليا بما في ذلك ترشيد الدعم، في حين يدعوه البعض الآخر الى شراء المزيد من الوقت بإنتظار تطورات إقليمية أو دولية ستكون حتمية مع التسلم والتسليم في الرئاسة الأميركية، لافتين إنتباهه الى أن إضاعة فرصة التكليف بهذا الشكل ستؤدي الى خسارة سياسية قد لا تعوض في زمن قريب.