رأى وزير الخارجية اللبناني المستقيل ناصيف حتي، أن الموقف العربي الجامع شرط ضروري كي يتمكن من أن يفاوض بشكل او بآخر ويمنع تمددات أي طرف خارجي، متمنيا أن نبلور مع الآخرين ما يسمى بشروط إدارة العلاقات بين الدول واحترام سيادة كل دولة واحتواء الخلافات والبناء على المشترك، مؤكدا أن ذلك يكون من خلال مبدأ أساسي هو عدم جواز التدخل العلني والفج في شوؤن الدول الأخرى أو التحدث فوق رأس هذه الدولة من خلال إعطاء دروس في قضايا عقائدية وهي تخدم مصالح خارجية.
وأشاد حتي في تصريح لصحيفة "الأنباء" الكويتية بالدور الذي قامت به دولة الكويت لإصلاح ذات البين بين الأخوة في الخليج العربي.
وأضاف: انه مع الإدارة الأميركية الجديدة لن تكون الأمور، كما يتصور البعض أي القطيعة الكلية مع سياسة دونالد ترامب، لافتا الى ما أعلنت عنه إدارة جو بايدن انها في صدد العودة الى الاتفاق النووي الإيراني ودول مجموعة الخمسة زائد واحد والتي أضافت اليه بعض الشروط، وربطته بأمور أخرى كالصواريخ الباليستية وتراجع إيران عن سياساتها في المنطقة، مشيرا الى ان هذا الربط لم يكن قائما عند توقيع الاتفاق ما يعني ان العودة إليه وتفعيله وإعطائه المزيد من المصداقية هي عودة مشروطة مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول العربية.
وفي تقدير حتي أن هناك ساحات صراع في المنطقة تمتد من اليمن الى لبنان يجري فيها تبادل الرسائل السياسية والعسكرية، معربا عن اعتقاده ان إدارة الرئيس بايدن قد تشكل قطيعة مع خطاب ترامب لكن لن تشكل قطيعة مع ثوابت السياسة الأميركية في المنطقة ومحاولة رفض ما تعتبره تمدد إيران في المنطقة وتعزيز وجودها وسيطرتها في عدد من الدول العربية.
واعتبر حتي أن هناك استمرارية لبعض السياسات الأميركية وقد يكون أسلوب بايدن مختلفا عن الطبيعة الصدامية التي اتسمت بها سياسة ترامب، مؤكدا أن هناك مصالح مستقرة للأميركيين سواء اتفقنا أو اختلفنا مع السياسات الأميركية التي تعكس هذه المصالح. وشدد على ضرورة التفاهم بين الدول العربية لكي تتمكن من أن يكون لها دور في هذا الشطرنج الشرق أوسطي المشتعل.
وفي الشأن اللبناني الداخلي رأى حتي أن هناك تفاعلا بين عنصرين أساسيين بتفاصيلهما الداخلية والخارجية يضغطان على لبنان ولكن تبقى هناك مسؤولية إنقاذ وطني تبدأ من عند اللبنانيين قبل الطلب من الخارج، مشددا على ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة المهمة لكي تعمل كفريق عمل وبخارطة طريق وبرنامج واضح للخروج من حالة الانهيار المتسارع التي يتجه إليها لبنان.
وأكد حتي أن هناك صعوبة كبيرة في موضوع تشكيل الحكومة لأن منطق تقاسم جبنة السلطة ومنطق هيمنة الطبقة السياسية في لعبتها التقليدية اي لعبة المحاصصة السياسية والطائفية والمذهبية هو السائد، محذرا من خطورة الأوضاع في لبنان على كل المستويات، مذكرا ما جاء في كتاب استقالته من حكومة الرئيس حسان دياب في الثالث من أغسطس الماضي من انه شارك في الحكومة من منطلق العمل عند رب عمل واحد اسمه لبنان فوجدت في بلدي أرباب عمل ومصالح متناقضة وأن لبنان ينزلق للتحول الى دولة فاشلة، أي تلك الدول التي لم تعد تقوم بوظائفها الأساسية، لافتا الى الأزمة الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية والتي تهدد الوضع اللبناني برمته.
وحذّر حتى من خطورة الاستمرار في النهج المتبع في إدارة البلاد والذي بدأ يفقد لبنان فيه مميزاته التي عرف بها، وهي لبنان الجامعة والمستشفى والمنتدى الفكري والسياسي والإعلامي والحواري وصلة الوصل بين الشرق والغرب، داعيا الى عدم الاكتفاء بالمراهم على الجراح بل في الانطلاق بعملية إصلاحية اقتصادية ومالية ونقدية من خلال حكومة تشكل فريق عمل تسارع إلى معالجة المخاطر المحدقة بلبنان، مقترحا التوجه نحو الأسرة العربية لإعادة تأسيس العلاقات لما تجمعه من ارث من الصداقة والتعاون.
واعتبر حتى ان المبادرة الفرنسية على ما يؤكد أصحابها ما زالت قائمة إلا اننا كلبنانيين لم نستفد من الاهتمام الفرنسي ومن الأولوية التي قدمتها فرنسا لمساعدة لبنان والتي تمثل البعد الأوروبي والدولي الى جانب التوجه نحو الإخوة العرب، مؤكدا انه علينا القيام بواجباتنا قبل أي شيء آخر لنكون على مستوى التحدي.