يُجمع الخبراء على أنّ الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا لم تكن كسابقاتها، لجهة حجمها ونوعيتها، مروراً بحصيلتها البشرية. وفي قراءتهم، يصف محللون العدوان الإسرائيلي على دير الزور فجر الأربعاء الفائت بأنّه "الأوسع" منذ نحو عامين، مشيرين إلى أنّ خريطة الأهداف ركزت بشكل أساسي على مقار عسكرية. Advertisement وفي حين اعتبرت وكالة "أسوشيتد برس" أنّ المنطقة في حالة تأهب قصوى، نقلت "الأخبار" عن مصادر ميدانية في المنطقة قولها إنّ الاحتلال الإسرائيلي "شنّ نحو 18 غارة، استهدفت مواقع للجيش السوري والحلفاء في دير الزور، وتحديداً حاجزاً عسكرياً تابعاً لفرع الأمن العسكري، ومستودعات عيّاش العسكرية الكبيرة، إضافة إلى كلّية التربية القديمة في حي بورسعيد، وأطراف حيَّي هرابش والعمّال، فضلاً عن المطار العسكري في مدينة دير الزور، إضافة إلى عدّة مواقع عسكرية تتمركز فيها القوات الصديقة في باديتَي الميادين والبوكمال، ومعبر البوكمال – القائم". من جانبها، نقلت قناة "TRT" عن الخبيرة وعضوة هيئة التدريس في جامعة "إسطنبول الحضارية"، أوزدن زينب أوقطاو، قولها إنّ الضربات الإسرائيلية على سوريا تهدف إلى إنهاء النفوذ الإيراني في سوريا. وقالت الخبيرة: "في أعقاب التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، تمكنت إسرائيل من صفّ مصر إلى جانبها وبدأت تل أبيب التعاون مع الدول الخليجية ما مهّد الطريق بالنسبة إلى صراع إسرائيل الواسع ضد إيران"، على حدّ تعبيرها. وتعليقاً على ترجيح سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب إزاء إيران والشرق الأوسط موقع إسرائيل في المنطقة، قالت أوقطاو: "تريد إسرائيل اليوم مواجهة إيران في سوريا عبراستهداف قواتها والمجموعات المسلحة التي تدعمها على طول حدودها الشرقية والجنوبية"، مضيفةً: "أدى سلوك الولايات المتحدة إزاء إيران مؤخراً إلى تراجع الاقتصاد الإيراني، وتقتنص إسرائيل هذه الفرصة لإنهاء نفوذ طهران في المنطقة". ولكن سرعان ما استدركت الخبيرة بالقول: "إلاّ أنّ الانتخابات في إسرائيل وإيران ستحدد مصير الملف السوري والمنطقة أيضاً". عن أهمية المنطقة المستهدفة، أوضحت "TRT" أنّ دير الزور تُعدّ صلة وصل أساسية بين إيران ولبنان، إذ تعبر بعض خطوط أنابيب الغاز وطرق تجارية المحافظة رابطةً البلديْن بالعراق والأردن. كما لفتت القناة إلى أنّ المنطقة خاضعة لسيطرة المجموعات الموالية دمشق والمدعومة إيرانياً. في هذا الصدد، علّق الخبير في الشؤون الإسرائيلية، سليم هان ينياكون، مؤكداً أنّ المجموعات الشيعية تدرك أهمية دير الزور الاستراتيجية. وقال الخبير: "تطلق إسرائيل على هذه الاعتداءات صفة احتزازية ولكن الهدف الذي تنوي الاحتراز منه غير واضح"، مبيناً أنّ المناطق التي يضربها الاحتلال بعيدة عن "حدوده". وتابع الخبير قائلاً: "في إسرائيل معضلة لناحية كيفية التعاطي مع سوريا. فلا تريد تل أبيب نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد ولا تريد سوريا من دون نظام قمعي. جل ما ترغب فيه هو استحداث "عدو مفيد" في سوريا، يمكن أن يساعدها في تحقيق أهدافها الإقليمية"، بحسب ما قاله.