في وقت خطفت واشنطن أنظار العالم في حفل تنصيب الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن، كان لبنان يستمر في عملية التخبط الداخلي، والانتقال غير السلس للحكومة على وقع الخلافات المستمرة حول الحقائب والتشكيلة الحكومية والاعتذار عن "الفيديو الفضيحة". واليوم من المتوقع أن يخطف المجلس الأعلى للدفاع الذي سينعقد في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الانظار، خصوصاً في ضوء المعلومات التي تؤكد التوجه الى تمديد الاقفال العام لأسبوعين إضافيين.
المجلس الأعلى للدفاع
اذاً، لا تزال اخطار ازمة الانتشار الوبائي تتصاعد مع الازدياد المستمر في اعداد الإصابات وحالات الوفاة اذ سجلت وزارة الصحة امس 4332 إصابة و64 حالة وفاة الامر الذي سيعزز الاتجاه الى تمديد الاقفال العام في الاجتماع الاستثنائي للمجلس الاعلى للدفاع الذي ينعقد ظهر اليوم في قصر بعبدا لمناقشة توصية اللجنة المعنية بمتابعة إجراءات مكافحة كورونا. وحصلت "النهار" على التوصيات التي اقرتها اللجنة امس وابرزها ضرورة استمرار الإقفال العام لمدة إسبوعين إضافيين. وستطلب اللجنة من الوزارات المعنية بالمعابر مراجعة الإجراءات المعتمدة بالنسبة للوافدين عبر مطار بيروت الدولي لجهة التدابير المتعلقة بالحجر الإلزامي في الفنادق بهدف تقييم جدوى استمرارها.
ومن بين التوصيات سيطلب من وزارة الصحة العامة صرف النظر عن وضع خطة لتقييم مدى انتشار السلالة الجديدة لفيروس كورونا في المجتمع اللبناني وذلك بسبب الكلفة المادية المرتفعة على أن تقوم منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع الوزارة بتحديد ووضع المعطيات العلمية في هذا الخصوص.
ولفتت المصادر لـ"اللواء" إلى أن أي تعديل في القرار يدرس تبعا للمعطيات وكذلك الأمر في ما خص فرض إجراءات أخرى.
وتراوحت اقتراحات اللجنتين العلمية والصحية بطلب الاقفال من أسبوعين إلى ثلاثة، مع العلم ان هناك قطاعات إنتاج تطالب باستثنائها من التمديد الجديد، ومنها السوبرماركت والدواجن وصيادو الأسماك في طرابلس وصيدا وصور.
الحكومة على وقع الاتصالات
هذا في الشأن الصحي أما في الشأن الحكومي فأشارت صحيفة "النهار" الى ان ثمة معلومات تفيد بان اخفاق الوساطات المتعاقبة لم يقفل باب المساعي لترطيب الأجواء بين بعبدا وبيت الوسط وان التحرك الذي قام به رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب كان في سياق هذه المحاولات، اكثر منه في اطار أي وساطة، كما ينشط على الخط نفسه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم، ناهيك عن ان بكركي لم ولن توقف مساعيها. اما ما تردد عن اعتزام رئيس مجلس النواب نبيه بري القيام بتحرك جديد ينهي عبره اعتكافه اللافت عن بذل مساعيه لكسر جمود الازمة، فلا يبدو انه وارد قبل توافر عوامل جدية. وسألت "النهار" الرئيس بري لماذا لا يتدخل بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري فأكتفى بالقول "لن أتدخل قبل وجود ضوء".
ومن هنا، نفت مصادر متابعة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة حصول اي مستجدات او اتصالات جديدة لتحريك عملية التشكيل بعد جولة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على الرؤساء سعد الحريري ونبيه بري وميشال عون مؤخرا وكشفت بعض مضمون ما جرى في هذه اللقاءات التي ارادها دياب لدفع عملية تشكيل الحكومة الجديدة قدما إلى الأمام، محذرا من خطورة تراكم الازمات التي تكاد ان تنفجر كاملة وعجز الحكومة المستقيلة عن مواكبتها لضيق مساحة تحركها دستوريا، ولكن في مضمون كلامه لمح بشكل غير مباشر انه إذا استحالت العقبات دون التشكيل هل هناك استعداد لتغطية اعادة اجتماعات الحكومة المستقيلة لتلبية وتسيير الأمور الضرورية في هذه الظروف الاستثنائية، انطلاقا من أن دياب يسعى لتوفير تغطية سياسية لاي خطوة في هذا الخصوص ولن يجازف بالا نفراد بها تلافيا لردود فعل ومواقف سلبية ولا سيما من الزعامات السياسية السنية التي سلفته مواقف داعمة في الادعاء عليه بملف انفجار مرفأ بيروت ولن يغامر بخسارة هذا الغطاء هكذا بلا ضمانات ملموسة.
واشارت المصادر إلى ان ما طرحه دياب من تمنيات ورغبة لتسريع عملية التشكيل تلافيا للأسوأ، قوبل بايجابية ملحوظة من الرئيس المكلف الذي ابلغه ما قام به من جهود حثيثة برغم كل الحساسيات لاخراج عملية تشكيل الحكومة الجديدة من العوائق والشروط والمطالب التعجيزية، محددا مكامن العقد والحقائب المختلف عليها ومشددا على ان الكرة الان في ملعب رئيس الجمهورية بعد ان تسلم التشكيلة الوزارية بعد أربعة عشر جلسة من التشاور بيني وبينه، وعليه ان يعطي رأيه بخصوصها استنادا الى الدستور.
اما ما طرحه دياب على الرئيس بري، اضافة الى التنبيه من مخاطر التأخر بتشكيل الحكومة العتيدة، التمني عليه القيام بوساطة ما كعادته للتقريب في وجهات النظر بين عون والحريري، الا ان رئيس المجلس النيابي لم يبد حماساً للعب هذا الدور، بسبب بعض المواقف والتوجهات التي انتهجها العهد تجاهه بالاونة الاخيرة.
اما بخصوص اجتماعه مع الرئيس عون واطلاعه على ما سمعه من الحريري من رغبة لتسريع عملية التشكيل وتحديده لنقاط الخلاف المتبقية اوضحت المصادر ان رئيس الجمهورية كان مستمعا لما ابلغه اياه دياب ولم يبد اي اعتراض على التمني بمعاودة الاتصال مع الرئيس المكلف، الا انه بالخلاصة لم يعط جوابا نهائيا، ما اعتبره البعض بمثابة التريث للتشاور مع فريقه قبل اتخاذ الموقف النهائي.
الا ان المصادر اعتبرت في خلاصة اتصالات اليومين الماضيين ان عملية التشكيل متوقفة عند محطتين، الأولى حيث الخلاف الحاصل حول توزيع الحقائب والحصص واحتجاز التشكيلة التي قدمها الحريري لرئيس الجمهورية دون البت بها، والثانية متعلقة بفيديو الاساءة المخزي. ولذلك فان اي اتصال او لقاء بين عون والحريري لا يسبقه تفاهم على نقاط الخلاف، لن يكون مجديا.
في السياق وفي الوقت، الذي عادت بعض المصادر إلى التأكيد على ان حزب الله مصر على إعادة تفعيل الاتصالات في ما خص تأليف الحكومة، أكّدت مصادر دبلوماسية لـ"اللواء" ان باريس على خط الاتصالات اليومية ومتابعتها.
وكشفت المصادر ان الرئيس الحريري يستعد لزيارة باريس في وقت قريب الا إذا طرأ تعديل، نتيجة اتصالات لتحديد لقاء جديد في بعبدا مع الرئيس عون.
واعتبرت أوساط مراقبة ان أي لقاء بين الرئيسين عون والحريري ينتظر نضوج الأجواء المؤاتية، وأشارت إلى ان المبادرة للاتصال ليست هي المشكلة إذا توفرت النيّات الإيجابية.
وهكذا، يبدو ان المساعي التي يقوم بها اكثر من طرف لترطيب الاجواء بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري وترتيب لقاء بينهما، لم تحقق بعد اي خطوة عملية، نتيجة التراكمات التي باتت تحتاج الى اكثر من مجرد لقاء لا يُثمر إنجازاً أو تقدماً في الملف الحكومي بل معالجات في العمق للأسباب لإستعادة الثقة المفقودة. وهنا تتحدث بعض المعلومات عن دور مرتقب فاعل اكثر قريباً لـ"حزب الله" في مسعى لدى الرئيس عون والتيار الوطني الحر لترطيب الاجواء، لكن مصادر الحزب تتكتم جداً على اي تحرك يقوم به ليس في موضوع الحكومة فقط بل في كل المواضيع المطروحة.
وذكرت مصادر المعلومات ان الحريري ينتظر مبادرة اوإتصالاً من الرئيس عون بعدما أبدى امام الرئيس حسان دياب إيجابية في اللقاء مع رئيس الجمهورية.
ومن هنا، وفي هذا السياق، تؤكد مصادر مواكبة أنّ كل الجهود المبذولة راهناً تصبّ في خانة إنجاح مبادرة البطريرك الماروني بشارة الراعي الهادفة إلى حثّ الرئيس ميشال عون على دعوة الرئيس سعد الحريري إلى استئناف اللقاءات التشاورية بينهما والبحث في الصيغ التوافقية القادرة على الجمع بين توقيع كل منهما على مسودة وزارية واحدة. وتنقل المصادر معطيات أولية تدور في كواليس الوسطاء تفيد بإمكانية العودة إلى صيغة "6 و6 مكرر" في توزيع الحقائب السيادية بعيداً عن مبدأ المداورة، بحيث تبقى الخارجية والعدل من حصة "التيار الوطني الحر" ورئيس الجمهورية، مقابل إبقاء المالية للثنائي الشيعي والداخلية لرئيس الحكومة، على أن يصار إلى تسمية شخصية توافقية بين رئيسي الجمهورية والحكومة لحقيبة الدفاع.
وكذلك في ما يتصلّ بالحقائب الخدماتية، لا تستبعد المصادر أن يعود "القديم إلى قدمه" في التشكيلة الوزارية فتبقى وزارة الصحة من حصة "حزب الله" عبر وزير تكنوقراط، على شاكلة حمد حسن، نظراً لصعوبة تسمية أي من المحسوبين على الحزب لتولي حقيبة خدماتية أخرى على صلة بقنوات التمويل الدولي لعملية إعادة الإعمار، كما هي الحال في وزارة الأشغال العامة والنقل التي ستبقى على الأرجح من حصة "تيار المردة"، بينما تكون حقيبة التربية من نصيب "الحزب التقدمي الاشتراكي" الذي لم يكن أساساً متحمساً لتولي حقيبة الخارجية تحت وطأة كماشة المقاطعة العربية والدولية للبنان الرسمي.