في ظلّ المماطلة الحكومية الناتجة عن العوائق التي يضعها فريق رئيس الجمهورية والتي تحول دون الوصول الى اتفاق سياسي يؤدي الى ولادة حكومة الانقاذ الوطني لوقف الانهيار الحاصل في لبنان، برز الحديث عن جبهة سياسية بمواجهة "العهد" ومنع تمدّده في مشروعه السياسي. فأين أصبحت هذه الجبهة؟
وفق مصادر سياسية مطلعة، فان الجبهة لم تولد أساسا، اذ فشلت عملية تأسيسها بعد رفضها من قبل العديد من القوى السياسية او أقله عدم حماستهم تجاهها، علما ان جميعهم من الأفرقاء المعادية للعهد والمعارضة له بشكل واضح .
ويبدو ان لكل قوة سياسية ما يمكن اعتباره حجّة تتلطّى خلفها لعدم الذهاب نحو التصعيد الكامل الذي لا يمكن التراجع عنه في الحياة السياسية وخصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة.
رئيس مجلس النواب نبيه بري مثلا، وعلى رغم معارضته للرئيس ميشال عون الا انه غير مستعد للخوض في جبهة علنية واضحة المعالم ضد حليف "حزب الله" الاساسي، لذلك سيبقى على الارجح متمسكاً بموقفه المراعي للحزب في الملفات السياسية، ولن يتجه نحو صدام جدّي مع عون .
بدوره رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط لا يُبدي رغبة بالدخول في أي جبهة سياسية من دون الرئيس بري، وبمعنى اخر فهو لن يغير موقفه المعارض للعهد اقله على المدى المنظور ، لكنه غير مستعد لخوض تحالفات تعيد احياء" قوى 14 اذار"، لأنه بطبيعة الحال لا يرغب بتكرار تجربة الاصطفافات التي لا تجدي نفعا اليوم.
اما "تيار المستقبل" فرغم الخصومة المشتعلة بينه وبين فريق العهد ، فمن غير المنطقي ان يقف في جبهة حادة بمواجهة العهد في ظل المساعي الحاصلة لتشكيل حكومة يرأسها الحريري في المرحلة المقبلة. وهذا الاعتبار يحتم على الحريري ان يحسب الف حساب قبل خوض اي معركة بهذا الوضوح!
تبقى "القوات اللبنانية" الاكثر حماسة لهكذا جبهة، لانها تمنحها حظوظاً سياسية كبيرة قد تؤدي الى عزل " التيار الوطني الحر" نهائياً ما قد يساهم بتعزيز قوتها الشعبية تمهيدا للانتخابات النيابية المقبلة. في الوقت نفسه، فإن عدم ولادة الجبهة لن يؤثر سلبا على "القوات" غير انه سيسلبها فرصة توجيه الضربة القاضية لخصمها المسيحي.