الحلقة الثالثة:
في الرابع من آب فقدت إبنها الشاب في الإنفجار- البركان، وفي الرابع من شباط، أي في ذكرى مرور ستة أشهر على الجريمة، لملمت أشلاء حزنها ومشت مع أمهات ثكالى مثلها نحو مرفأ حوّله خذلان حكام بلا ضمائر، من درة مرافىء البحر المتوسط الى مقبرة مظلمة وظالمة عجزت حتى عن احتضان بقايا الأحباء.
في الساحة التي كان من المفترض أن تشهد وقفة احتجاج على تمييع وتسييس التحقيق، كان صدام وعراك مع القوى الأمنية، وهرج ومرج وعويل أمهات مفجوعات وصراخ أليم في وجه مسؤولين أداروا الأذن الصماء، ومع صور "الغوالي" واللافتات التي تدعو الى محاسبة المسؤولين عن استيراد وتخزين نيترات الأمونيوم اللعين، علا صرخ " الأم الحزينة" التي تعرضت للضرب، فسقطت أرضاً وهي تحتضن خشبتين صغيرتين من بقايا إطار صورة إبنها الشاب مرددة" انا تعبتْ ...من ٦ شهور ما عم نام...يا عيب الشوم عليكن ... الله ينتقم منكم...قتلتوا إبني مرتين".
لمن يظن أن صراخ هؤلاء المقهورين حتى جفاف الدمع سيبقى مخنوقاً نقول:" بكاء المظلوم يتجاوز السماوات السبعة ...وما كان ربكم نسيّاً."