بعد مرور ثلاثة أسابيع على الإغلاق التام، بدأ لبنان مرحلة تخفيف إجراءات الإغلاق تدريجيًا، ولكن فيروس كورونا لم يتقهقر في فترة الإغلاق، بل على العكس واصل المنحى التصاعدي، حاصدًا المزيد من الأرواح، بينهم عددٌ لا يستهان به من الفئات العمريّة الشبابيّة. فهل حقّق الإقفال مبتغاه؟ ولماذا ارتفع عدد الوفيات؟ وكم من الوقت تحتاج اللقاحات للوصول إلى مناعة مجتمعيّة؟ وهل بإمكان اللبنانيين العودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعيّة بعد أسابيع من حملات التطعيم؟
رئيس لجنة الصحة النيابية دكتور عاصم عراجي اعتبر في حديث لـ "لبنان 24" أنّ الإقفال لثلاثة أسابيع حقّق نتائج إيجابية إلى حد ّما، بحيث تجاوزت الإصابات قبل إقفال البلد عتبة الـ 5000، فيما التوقّعات الطبيّة كانت ترجح أن يحلّق عدّاد كورونا ليصل إلى 8000 أو 9000 إصابة يوميًّا فيما لو لم يتمّ الإقفال، وبطبيعة الحال عدد الإصابات الخطرة التي تدخل غرف العناية الفائقة ترتفع كلما ارتفع عدد الفحوصات الإيجابية. العامل المقلق أنّ نسبة الفحوصات الإيجابية لا زالت مرتفعة، كونها تبلغ 22% من مجمل الفحوصات وهو مؤشّر سلبي.
وعن عدد الوفيات الذي بقي مرتفعًا في فترة الإقفال، ووصل في بعض الأيام إلى 80 حالة، أعاد عراجي السبب إلى الإصابات التي حصلت قبل الإقفال، خصوصًا أنّ مدّة مكوث بعض المرضى في غرف العناية الفائقة تمتدّ لفترات طويلة قد تصل إلى شهرين، وبالتالي لا يمكن احتساب مجمل الوفيات على أنّها عائدة لفترة الإقفال، بل للفترة التي سبقتها خصوصًا خلال الأعياد.
تصل اللقاحات إلى لبنان في منتصف شباط الحالي، ولكن البدء بحملة التلقيح لا يعني إطلاقًا أنّ أزمة كورونا ستنتهي في اليوم التالي، يوضح عراجي " فمن يأخد اللقاح يحتاج فترة شهر ليكتسب مناعة، أيّ في الأسبوع الثاني بعد تناوله الجرعة الثانية. كما أنّ المناعة المجتمعيّة لا تتحقّق إلا بتطعيم 80 % من المقيمين في لبنان سواء أكانوا لبنانيين أو من جنسيات أخرى. وبالتالي تناول اللقاح لا يتيح الإستغناء عن الكمامة والتباعد الإجتماعي وتجنّب التجمعات وكافة الإجراءات الوقائية، التي يجب أن تستمر طيلة العام الحالي".
ماذا عن الإشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا، هل يجب أن يأخذوا اللقاح؟
"بالطبع يجب أن يأخذ هؤلاء اللقاح، فالإصابة لا تمنح صاحبها مناعة دائمة، وآخر الأبحاث في هذا المجال تحدّثت عن اكتساب المصاب مناعة لستّة أشهر فقط بعد الإصابة، والقرار المتخذ هو تطعيم المصابين بعد مرور ثلاثة أشهر على أصابتهم".
تعليقًا على الشائعات التي تغزو وسائل التواصل الإجتماعي عن اللقاحات، وبعضها يحذّر من أنّ لقاح فايزر قادر على تعديل الحمض النووي لدى البشر، يقول عراجي "يجب الإصغاء إلى أهل الإختصاص دون سواهم، وعدم التأثّر بالروايات عبر شبكات التواصل الإجتماعي التي تزعم حدوث تغيير في الجينات أو تتحدّث عن مؤامرة ما، كما أنّ اللقاح إختياري وليس إجباريًا، ولكنّه مسؤوليّة فردية يتحملها المواطن لحماية نفسه وعائلته ومحيطه، ودول العالم تسعى لتلقيح شعوبها بهدف تأمين حماية مجتمعيّة".
يرى عراجي أّنّنا قادرون على تجاوز المرحلة والإنتصار على كورونا، في حال تسلّحنا بالوعي، وفي حال قامت الدولة بمسؤولياتها وطبّقت الإجراءات، وتبقى الوقاية خير من قنطار علاج.