كثرت التعليقات في الاسابيع القليلة الماضية حول ملفّ تشكيل الحكومة في لبنان، والتي حمّلت جزءاً من مسؤولية التعطيل الى بعض العُقد الخارجية، ومعظم الذين تناقلوا هذه الاتهامات كانوا يلمّحون الى عقدة خليجية وتحديدا سعودية، في إشارة إلى أن المملكة لم تعطِ أي غطاء سياسي للرئيس المكلف سعد الحريري لتحريره من بعض القيود في عملية التشكيل.
لكنّ مصادر مطّلعة اعتبرت ان تركيز فئة من القوى السياسية وتحديدا "التيار الوطني الحر" على وجود عقدة سعودية تحول دون التأليف، يعود بشكل واضح الى رغبته بالتنصّل من مسؤولية التعطيل ومحاولته رمي الكرة السياسية اعلامياً في ملعب الحريري والدول الاقليمية الحليفة له.
وترى المصادر ان هذه الاتهامات مبنيّة من دون أدنى شك على ما يشبه القراءة السياسية، وفي الواقع فقد جرى تضخيمها لتظهيرها من زاوية محددة بهدف استغلالها في السياسة ليتمكّن العهد من تخفيف اعباء الضغوطات الشعبية عن كاهله والتي ترتفع وتيرة غضبها في وجهه يوما بعد يوم وتحمّله تأخير التشكيل لغايات حزبية ضيّقة!
وبحسب المصادر، فإن المملكة لا تبدو حتماً راضية عن ما آلت اليه الاوضاع في لبنان، وهذا الامتعاض ليس وليد اليوم بل بدأ منذ سنوات بعيد تسلّم رئيس الجمهورية ميشال عون مهامه في قصر بعبدا، لذلك ومع ضيقها من السياسة المتبعة منذ ذلك الحين، استقرّت على قرار رفع يدها عن لبنان وباتت ملفاته الداخلية على آخر سلّم أولوياتها، غير أن الواقع يقول بأن الحريري هو الذي يبدو بحاجة الى غطاء سعودي في هذه المرحلة، ليس على المستوى السياسي وحسب بل على المستوى المالي أيضاً.
وتشير المصادر الى ان الحريري يستطيع بسهولة تشكيل حكومة، إذ ان السعودية لا تضع "ڤيتو" على مسألة التأليف بحدّ ذاتها الا أنها قد لا تكون مهتمة بتقديم دعم مالي للبنان في حال أبصرت الحكومة النور ضمن توازنات سياسية لا ترضى عنها المملكة.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، يبدو أن الحريري يسعى بالتوازي مع العقد الداخلية التي تعرقل التأليف الى استغلال الوقت الضائع من أجل الحصول على دعم سعودي أو أقلّه إعادة تمتين العلاقة مع المملكة لضمان المساعدات المالية للبنان، الأمر الذي من شأنه أن يلخّص الأزمة السياسية والجولات التي يقوم بها الرئيس المكلف بين الدول العربية. أما الحديث عن طلب سعودي بعدم التشكيل فهو مجرد محاولات سياسية واعلامية يجري استغلالها في المعارك الداخلية المستمرة.