في ظل الجمود الحكومي الواقع منذ ما يزيد عن 7 أشهر، يكثر الحديث عن اتجاه فرنسا إلى السير على خطى الولايات المتحدة الأميركية وفرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين.
المعلومات المتقاطعة تشير إلى أنّ اللوائح ليست جاهزة لا في فرنسا ولا في أوروبا، بل يستبعد مراقبون تحرّك الاتحاد الأوروبي ما لم تفرج واشنطن عن "خطتها" إزاء لبنان. وفي التفاصيل أنّ الموقف الفرنسي لا يستبعد فرض عقوبات على معطّلي التأليف لكن "هذا الأمر لم يكن مدرجاً بعد على جدول أعمال" اجتماع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بنظرائه في الاتحاد الأوروبي أمس في بروكسيل.
في تقرير لها، نقلت
صحيفة "لوريان لوجور" عن ديبلوماسي فرنسي تأكيده أنّ "التهديد (بفرض عقوبات) جدي". وبحسب ما كتبت الصحيفة فإنّ عدداً كبيراً من أعضاء الفريق الفرنسي يضغط منذ أشهر من أجل "الانتقال إلى المستوى التالي" في ما يتعلق بالتعاطي مع لبنان، إلا أنّ اللجوء إلى خيار العقوبات في المشهد السياسي اللبناني ليس خطوة سهلة. فمن شأنها، بحسب ما كتبت الصحيفة، أن تولّد وضعاً ديبلوماسياً غير مسبوق تجد بموجبه دولة نفسها بصدد فرض عقوبات على حكومة "صديقة" من دون أن يسبق ذلك نزاع أو توترات كبيرة بين الطرفيْن.
وتابعت الصحيفة بالقول إنّ باريس ما زالت تأمل عدم الاضطرار إلى فرض عقوبات، ناقلةً عن الديبلوماسي الفرنسي قوله: "كنا واضحين جداً مع المسؤولين اللبنانيين في الأسابيع الماضية". في هذا السياق، ألمحت الصحيفة إلى أنّ فرنسا ما زالت تترك المجال مفتوحاً أمام المسؤولين اللبنانيين من أجل التوصل إلى حل، مستدركةً بأنّ فرض العقوبات قد يستغرق وقتاً. فمن أجل تحقيق فعالية، لا بد من وضع العقوبات على مستوى الاتحاد الأوروبي، وهذه مسألة تتطلب قراراً يوافق عليه أعضاء الاتحاد بالإجماع، وفقاً لما أوضحته الصحيفة.
وفي حين أكّد الديبلوماسي الفرنسي أنّ وزراء الخارجية الأوروبيين وسواهم محبطون من الوضع في لبنان، لفت إلى أنّ "مسار فرض العقوبات يستغرق وقتاً". وهنا، تحدّثت الصحيفة عن إمكانية فرض عقوبات "لبنانية" مثلما تم وضع عقوبات خصيصاً لسوريا، مشيرةً إلى أنّ شيئاً لم يتقرر بعد. بدوره، أوضح الديبلوماسي الفرنسي أنّ الفكرة تقضي بمعاقبة جميع الشخصيات المعرقلة لحل الأزمة، لافتاً إلى أنّ بلاده تحمّل الطبقة السياسية كلها مسؤولية الوضع الراهن "وإنّ على مستويات مختلفة". ولدى سؤاله حول إمكانية تغيير المسؤولين اللبنانيين سلوكهم في ظل احتمال فرض عقوبات غربية عليهم، قال الديبلوماسي الفرنسي: "هذه ورقة ضغط هامة لكن غير كافية".
توازياً، نقلت
صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية عن مصدر ديبلوماسي فرنسي تأكيده أنّ بلاده تنظر في احتمال فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانين، موضحاً: "هذا لا يعني أننّا سنفرض عقوبات على الجميع في الأسابيع المقبلة، لكن هذا يدل إلى أنّنا جادون في رغبتنا في إحراز تقدّم بالملف... لأن الشعب اللبناني يحتاج إلى دولة قادرة على العمل ومواجهة التحديات".
وفي حواره مع الصحيفة، تحدّث المصدر الديبلوماسي عن فرضيتيْن تنطوي الأولى على إمكانية فرض فرنسا عقوبات على المسؤولين اللبنانيين بشكل مستقل، أمّا الثانية فعلى حصول تعاون بين باريس والاتحاد الأوروبي على هذا الصعيد. وقال المصدر الفرنسي: "كل شيء ممكن، المسألة تتعلق بالإجراءات فحسب"، مضيفاً: "قد تستغرق عقوبات الاتحاد الأوروبي وقتاً أطول إلا أنّ تأثيرها أكبر".
من جانبه، كشف مصدر ديبلوماسي في الاتحاد الأوروبي أنّ العقوبات على لبنان "قد تشبه العقوبات التي فرضها مجلس الاتحاد الأوروبي في العام 2011 بحق الزعماء التونسيين والمصريين". وآنذاك، شملت العقوبات المسؤولين الذين حرموا شعبهم من "مكاسب تنمية الاقتصاد والمجتمع المستدامة وقوضوا تطوّر الديمقراطية في البلاد". وقال المصدر في الاتحاد الأوروبي: "يمكن لذلك أن ينطبق على حالة لبنان".
ما هي تداعيات العقوبات؟
بحسب توضيح "ذا ناشيونال"، فإنّه من شأن العقوبات الأوروبية أن تؤدي إلى تجميد حسابات المسؤولين اللبنانيين المودعة في المصارف الأوروبية، كما أنّهم سيُمنعون من السفر إلى أوروبا. إلاّ أنّ فرض العقوبات لا يعني أنّ المسألة مبرمة، إذ يمكن للمسؤولين المعنيين اللجوء إلى القضاء الأوروبي، إذ قال المصدر الأوروبي: "ربح عدد كبير من السياسيين المدرجين على لائحة العقوبات الأوروبية في أعقاب الثورات العربية بدعاويهم وحُذفت أسماؤهم من على لائحة العقوبات". وأضاف المصدر: "من الصعب جداً عموماً التوافق على عقوبات في بروكسيل ما لم تكن هناك رغبة قوية في فرضها".