ليس خفيا على أحد الازمة الحادة التي يعاني منها لبنان في موضوع المحروقات، وبخاصة في مادتي المازوت والبنزين. توازيا، بدأت دولارات مصرف لبنان تشحّ بشكل مستفحل منذ تشرين الـ2019، ما أدّى في نهاية المطاف الى البحث جديا في ترشيد الدعم وصولاً الى رفعه. مرحلة رفع الدعم التدريجيّ بدأت مع قرار وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني الذي خفض الدعم على المحروقات بنسبة 5 بالمئة.
المواطنون يتهافتون على محطات البنزين. المازوت مفقود. فاتورة المولدات الخاصة ترتفع. أسعار المحروقات تحلق اسبوعيا. تهريب صهاريج المازوت إلى سوريا مستمر بوتيرة كبيرة عبر المعابر الشرعية منها وغير الشرعية أمام أعين الدولة.
لكن، المشكلة الاكبر أن "حاميها حراميها" في لبنان. رجل الامن المخول السهر على أمن اللبنانيين الغذائي والطاقوي والامني يتواطىأ مع عصابات تهريب المحروقات ويبيعها في السوق السوداء. أما المواطن، فيبحث لساعات في محطات المحروقات عن غالون مازوت لتدفئة عائلته في البرد القارس.
وتُؤكد مصادر أنّ أمنيّين لديهم حصص في منشأتي النفط في طرابلس والزهراني.
وتقول المصادر إنّ هؤلاء يمارسون أعمالاً تجاريّة في السوق السوداء حيث يتلطّون خلف شركات وهميّة للحصول على البونات من منشآت النفط، ليعودوا ويبيعونها بأضعاف، في وقت يعاني اللبنانيون من شح بالبنزين والمازوت، وتقنينا قاسيا من قبل أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة نتيجة الكمية المحدودة من المازوت في الاسواق.
واللافت أن هناك نحو 250 شركة تقوم بعمليات التوزيع مع منشأتي النفط في طرابلس والزهراني، وتحصل على ما بين 5500 ليتر يوميا. وهذه الشركات الحديثة الولادة، لا تملك صهاريج ولا محطات محروقات، بل تملك بونات "صفراء" تقوم ببيعها.
وقد ثبت خلال الاشهر الماضية، أن استيراد المحروقات تحديدا المازوت، هو عملية غير طبيعية تبدأ من الكميات غير المسبوقة بالاستيراد مقارنة الى حاجات السوق المحلية؛ وتمرّ بالتهريب عبر المعابر غير الشرعية الى سوريا، وسعي مصرف لبنان لإيجاد الدولارات الطازجة، وتصل الى ضلوع بعض الشركات الوهمية والامنيين في عمليات الاستحصال على بونات المحروقات لاهداف غير منظورة، مستغلين نفوذههم لمصالح شخصية ضيّقة على حساب المصلحة العامة.
وللحد من عمليات تهريب المحروقات المدعومة مما تبقى من أموال المودعين، كانت المديرية العامة للنفط قد اتخذت قراراً ألزمت فيه الشركات الموزعة للمحروقات أن تقدم طلباً لشراء حصة من المازوت أو البنزين من منشآت النفط في طرابلس والزهراني إذا كانت تستوفي الشروط المطلوبة شرط أن تمتلك صهريجا على الأقل أو تملك أو تستثمر محطة محروقات.