ادت الاجواء السلبية التي طرأت على تشكيل الحكومة اللبنانية وعلى المبادرة الفرنسية المستجدة، الى تكرار الحديث انه لا حكومة في ما تبقى من عهد الرئيس ميشال عون. عاد الجميع الى نقطة الصفر، وقيل حتى ان التسريبات التي تحدثت عن عقوبات ستطال الرئيس سعد الحريري مصدرها فرنسي، رغم ان مصادر مطلعة وضعتها في سياق الضغط على الحريري ، كما سواه، ولن تصبح واقعاً وحقيقة، لان الفرنسيين يرغبون بتحسين نفوذهم في لبنان وليس قطع خطوط التواصل مع اي قوة سياسية...
لكن اوساط سياسية نافذة، بدأت تروج لفكرة انه في حال عدم تشكيل حكومة قبل حزيران المقبل، فإن التوازنات ستختلف ، وان الحكومة لن تكون وفق المبادرة الفرنسية بل وفق مبادرة الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الاخيرة والتي طالب فيها بتشكيل حكومة تكنوسياسية.
وتقول الاوساط ان في حزيران استحقاقين اساسيين، الاول الانتخابات الرئاسية الايرانية والتي من المتوقع ان يكتسح فيها المحافظون، والتي يقال انهم لن يعودوا الى الاتفاق النووي مع واشنطن في حال لم تكن الاخيرة قد عادت الى الاتفاق النووي قبل الانتخابات، اما الاستحقاق الثاني فهو الانتخابات الرئاسية السورية التي تنتظرها موسكو لانهاء القطيعة العربية لسوريا من بعدها، والتي تنتظرها ايران لحسم معركة ادلب.
وترى الاوساط ان حزيران سيشهد عودة العلاقات العربية مع سوريا اضافة الى تحسن وضعية ايران الاقليمية، سواء عادت واشنطن الى الاتفاق (وهذا مرجح) او لم تعد، وبالتالي فإن الوضع في المنطقة سيكون مغايرا لما هو عليه الآن.
وتلفت المصادر الى ان ما يقوم به "حزب الله" في الداخل اللبناني من افتتاح تعاونيات تبيع المواد الغذائية بأسعار زهيدة، اضافة الى توزيع بطاقات "السجاد" الذكية، سيتوسع بسرعة وسيشمل الاستشفاء والخدمات الصحية وسلعا غير غذائية، اضافة الى الحراك الوزاري الذي يحصل تارة مع العراق وتارة مع سوريا، كل ذلك، يلعب دورا كبيرا في دفع واشنطن وباريس الى الضغط من اجل تشكيل حكومة تمنع الانهيار، ولعل نشاط السفيرة الاميركية دوروثي شيا وتصريحاتها واحاديثها في مجالسها الخاصة يوحي بأن واشنطن لا ترغب بأن يستغل الحزب الانهيار ويملأ الفراغ.
في المحصلة فإن الحزب قد يستفيد من الانهيار الذي قد يتوسع من الان حتى حزيران المقبل، ويعزز مسألة التوجه شرقا وهذا ما لا تريده واشنطن، لكنها قد لا تكون قادرة على وقف الانهيار من دون حكومة وقد لا تكون بالتوازي قادرة على فرض حكومة.
من هنا تؤكد الاوساط انه في حال استمر الوضع الاقليمي على ما هو عليه، وكذلك الوضع الداخلي فإن الحكومة التي ستشكل بعد حزيران لن تتضمن شرط عدم تمثيل "حزب الله" ، واذا رفع هذا الشرط لن يكون هناك اي حاجة لحكومة تكنوقراط، بل سيكون الحزب بوضعيته الاقليمية الجديدة اكثر قدرة على فرض الصيغة التي يريدها، ولن يواجه، في ظل التسويات، بمعارضة شديدة، لذلك قد تكون الحكومة التكنوسياسية هي الخيار في حينه.