كغريق يتعلق بـ"قشة"، ينتظر المواطنون اي معلومة قد تدلهم لسبيل حماية أنفسهم من خطر التجلطات، بعد تلقي اللقاحات المضادة لكورونا، سواء تلك ذات السمعة "الطيبة" أو اللقاحات التي ترافقت وكثير من المعلومات حول اصابات بتجلطات. ولكن، ما قد يغفله هؤلاء أنّ مخاطر كثيرة قد تكون بإنتظارهم، لا تُحمد عقباها، في ظل حرب المال والسياسة والإعلام العالمية المرتبطة باللقاحات، والتي لا بدّ لجميع الدول أن تتأثر بها، فكيف الحال بلبنان، البلد المنهك صحياً وإجتماعياً؟.
فحص المناعة ومسيلات الدم، كثيراُ ما نسمع عن هاتين العبارتين بعد تلقي لقاح كورونا، حيث يسارع البعض الى إجراء فحص المناعة (IGG) للتأكد من إكتساب حصانة ضد كورونا، بعد تردد معلومات زادت نسبة القلق لدى كُثر، بأنّ الجسم قد لا يكتسب مناعة بالرغم من التطعيم. أمّا المسألة الثانية، وهي على قدر كبير من الخطورة، فترتبط بنصائح يتلقاها البعض عن ضرورة أخذ المسيلات وخصوصاً "الاسبرين" قبل يومين من اللقاح والاستمرار بتناوله بعد اللقاح بإنتظار الجرعة الثانية، لتجنب جلطات الدم، على الرغم من التوصيات الكثيرة العالمية، الخطيرة التي تتحدث عن عواقب وخيمة قد تسبب الوفاة في حال تناول هذه المسيلات.
عن صحة اجراء فحص المناعة بعد التطعيم، وخطورة تناول المسيلات، كان لـ"لبنان 24" مقابلة مع رئيسة دائرة تعزيز الصحة والصحة المجتمعية بكلية العلوم الصحية في الـAUB الدكتورة جهاد مخول، والتي تطرقت اولاً الى تجربتها الخاصة بعد تلقيها لقاح "استرازنيكا" المضاد لكورونا. وأشارت مخول الى اهمية الاجراءات الوقائية التي يتبعها الاطباء والمراكز الاستشفائية في مرحلة التطعيم، مؤكدة أنّها لم تعان من اي عوارض جانبية بعد تلقي اللقاح، وسط التشديد على وجود غرفة للمراقبة بعد أخذ اللقاح للتأكد من صحة المتلقي ومتابعته في حال إستجد معه اي عارض.
مسيلات الدم
وإذ تؤكد مخول على ضرورة أخذ اللقاح من كل الفئات العمرية المستهدفة لتحقيق مناعة مجتمعية، وصولاً الى الخلاص من فيروس كورونا، تشدد على ضرورة التوعية من عدم الانجرار الى المعلومات السلبية الخاطئة المتعلقة باللقاحات. فماذا عن المسيلات، ما مدى خطورتها، وهل يجب فعلاً تناولها على "صحة السلامة" كما يُشاع؟.
مع بدء حملات التطعيم وخصوصاً مع الحديث عن الخطر من تلقي لقاح "استرازنيكا" بدأ البعض بتناول مسيلات الدم وخصوصاً "الاسبرين" لتجنب الجلطات، وللاسف منها ما كان بناءً على مقابلات ولقاءات لاطباء، على الرغم من توصيات دولية تمنع تناول هذه المسيلات لهذا السبب تحديدا. تشرح الدكتورة مخول: "على العكس تماما، لا يجب تناول المسيلات، وهذا أكبر خطأ ممكن أن يقترفه متلقي لقاح كورونا، فإحتمال الاصابة بجلطة بسبب اللقاح على سبيل المثال يُضاف اليها عوامل كثيرة كالتدخين او طبيعة الجسم الخاصة بكل فرد اقل بكثير من احتمال الاصابة بجلطات مع تناول المسيلات. وبالتالي فإنّ الضرر من تناول هذه الأدوية عشوائياً أكثر من الفائدة منها حكماً، ولا يجب الرجوع بتاتاً الى مقولة "مناخده عصحة السلامة"، فهذه مسيلات ومنها الاسبرين ومن الممكن أن تؤدي الى مشاكل كبيرة وصولاً الى حد الموت".
وتؤكد مخول: "الافضل حكماً استشارة الطبيب الخاص، وعدم الانجرار وراء المعلومات المتناقلة والتي قد لا يكون لها اي اساس من الصحة". فالتوصيات العالمية تؤكد أنه لا حاجة لتناول المسيلات الاّ في حال وجود عوامل خطر ترتبط بتخثر الدم، تدعو إلى ذلك، ووفق توصية من الطبيب، ودون ذلك فإنّ المريض بهذه الحالة يعرّض نفسه الى الخطر.
فحص المناعة (IGG)
تساؤلات كثيرة تُطرح في الاونة الاخيرة عن المناعة المكتسبة بعد تلقي لقاح كورونا، وسط انتشار معلومات تتحدث عن عدم اكتساب مناعة عالية بالرغم من التطعيم، فما حقيقة هذه المعلومات؟. تشرح مخول مشيرة الى انّ ذلك يعتمد على نوع اللقاح وطريقة عمله، ومما يتكون، وهنا بحسب كل نوع يمكن الحديث عن المناعة او بالاحرى مراحل اكتسابها ضمن الجسم، ولكن ذلك لا يعني ابدا انه لن تتكون مناعة في الجسم، وبالتالي لا حاجة مطلقاً الى الذهاب للمختبرات واجراء فحوص المناعة او ما يُعرف بالـIGG. وغير ذلك يكون المواطن يكلّف نفسه تكلفة مادية هو بغنى عنها، ولن تفيده بأي نتيجة. النتئجة الوحيدة والفعالة امامه هو ان يذهب وبتلق اللقاح".
وتضيف الدكتورة مخول: "المناعة تتكون في الجسم من عوامل مختلفة، ويمكن للاشخاص الذين اُصيبوا بكورونا ان تتشكل لديهم مناعة تقيهم خطر العدوى مرة اخرى، ولكن لا نعلم لغايته ما اذا كانت مناعة مستدامة، لذلك ننصح ايضاً كل من اُصيب بكورونا ان يتلق اللقاح".
وبالتالي فلا حاجة لإجراء فحص المناعة لا بعد الاصابة بالفيروس ولا بعد التطيعم. وتبقى الحقيقة الوحيدة امام هذا الكم الهائل مع المعلومات والتوصيات، هي التطعيم وصولاً الى مناعة مجتمعية بنسبة 70 الى 90 بالمئة.