يبدو ان تأليف الحكومة في إجازة مفتوحة، فالعقد على حالها وتعنت ولامبالاة الطبقة السياسية على حاله أيضاً. وحده المواطن اللبناني من يُعاني ويدفع الثمن ويتحمل الذل الذي أوصله إليه حكامه.
"هستيريا" يعيشها اللبناني حالياً، فمع بدأ العدّ العكسي لرفع الدعم نهاية شهر أيار الحالي يتهافت اللبنانيون على تخزين ما أمكنهم من مواد غذائية وأدوية ومحروقات، لأنهم يعرفون جيدا انه مع الإعلان رسمياً عن هذه الخطوة فان معظم السلع ستشهد ارتفاعا إضافياً على أسعارها، علما ان بعض السلع والأدوية فُقد من الأسواق نتيجة جشع بعض التجار.
ويترقب اللبنانيون ارتفاعاً جنونياً في الأسعار،سيبلغ ، في حده الأدنى ضعف ما هو مسجل حالياً، وفي حده الأقصى قد تصل الأسعار إلى عشرات الأضعاف عمّا هي عليه اليوم.
علما ان مصرف لبنان لم يُصدر حتى اللحظة قراراً برفع الدعم، وحكومة تصريف الأعمال تؤكد استمرار القرار السياسي الذي يغطّي إجراءات المصرف المركزي. وبقاء الوضع على حاله نظرياً، يقابله التحضير لرفع فعلي للدعم، فـ "المركزي" يمتنع عن توقيع طلبات التجّار ما يعني أن الدعم رُفِعَ فعلياً، وإعلانه رسمياً يحتاج إلى القليل من الوقت، وربما لن يطول الأمر حيث من المتوقع ان يتم بعد عيد الفطر او نهاية شهر أيار.
بعد رفع الدعم كيف ستُصبح الأسعار؟
الخبز
تدعم الدولة نحو 300 سلعة غذائية، وفي مقدمتها القمح، فلبنان يستورد شهرياً ما بين 40 و50 ألف طن، فيما تقوم الدولة بدعم الطن الواحد بمبلغ يتراوح ما بين 50 و100 دولار، حسب نوعية القمح، وتالياً، فإن ربطة الخبز التي تباع بسعر 2500 ليرة، من المرجح أن يرتفع سعرها ما بين 3000 إلى 4000 ليرة.
المحروقات والغاز
من المتعارف عليه ان مستوردي البنزين والمازوت يحصلون على نسبة دعم تصل الى 90% من مصرف لبنان ويصل على اساسه سعر صفيحة البنزين 98 أوكتان الى 40400 ليرة والبنزين 95 أوكتان الى 39300 ليرة، الديزيل أويل 27500 ليرة وسعر قارورة الغاز 27400 ليرة.
ويتم تداول معلومات انه قد يترك الدعم على البنزين بنسبة تتراوح ما بين 15% و20%.
ولكن إذا إنخفض الدعم الى 50% فإن سعر صفيحة البنزين 98 أوكتان سيصل الى 89800 ليرة، والبنزين 95 أوكتان 86500 ليرة، الديزل أويل 68600 ليرة، أما قارورة الغاز فسيبلغ سعرها 59000 ليرة لبنانية.
أما في حال انخفض الدعم بنسبة 80% سيبلغ سعر صفيحة البنزين 98 أوكتان 126900 ليرة، البنزين 95 أوكتان 122100 ليرة، أما الديزيل أويل فسيصل الى 100 الف ليرة لسعر الصفيحة .
وذهب البعض إلى توقع انه في حال رفع الدعم عن المحروقات سيبلغ سعر صفيحة البنزين 183 ألف ليرة.
اللحوم
حاليا كيلو لحم البقر اليوم يُباع بـ90 ألف ليرة، وكل يومين يرتفع السعر 5000 ليرة لبنانية تقريباً بسبب تلاعب سعر صرف الدولار.
أما كيلو لحم الغنم اليوم فهو بـ160 ألف ليرة لبنانية.
ومن المتوقع ان يتجه سعر كيلو اللحم صعوداً في اليومين المقبلين وذلك نتيجة فقدان اللحم المدعوم من السوق.
الدجاج
سعر الفروج وصل حالياً إلى 50 ألف ليرة، ولكن بعد رفع الدعم عن قطاع الدواجن من المتوقع ان يصل سعره إلى 100 ألف ليرة.
كيلو الطاووق مثلا سيصل إلى 60 ألف ليرة، كيلو الجوانح إلى 35 ألف ليرة، كيلو "السفاين" بـ 65 ألف ليرة لبنانية.
الأدوية
الأدوية ايضا يتوقع ان تشهد بدورها ارتفاعاً في الأسعار، ورفع الدعم عن الأدوية سيكون مختلفاً حسب تصنيف الفئات، إذ تم تقسيم نوعية الأدوية إلى 3 فئات.
الفئة الأولى: الأدوية التى لا تحتاج إلى وصفة طبية، ومن المرجح أن يتم رفع الدعم عنها بشكل نهائي، فيما الفئة الثانية، والتي تضم أدوية يجوز استخدامها لمدة 60 يوماً، تقسم بدورها إلى قسمين:
القسم الأول، يضم الأدوية التي يقل سعرها عن ثلاثين دولاراً، ومن المرجح أن يتم تعديل سعرها، أما الأدوية التي يفوق سعرها عن 30 دولاراً، فمن المرجح أن يتغير سعرها.
أما الفئة الثالثة، وهي الفئة التي تخص الأمراض المستعصية، فمن غير المتوقع أن يتم رفع سعرها.
إذا اللبناني سيكتوي بغلاء الأسعار، وهو الذي لم يعد يتحمل أعباء الأزمة الاقتصادية، فكيف سيستطيع رب أسرة مثلا لا يزال يتقاضى راتب مليون ونصف مليون ليرة شهرياً ،تأمين احتياجات عائلته؟
أسئلة كثيرة تقلق المواطن عما سيحصل بعد رفع الدعم؟ وكيف سيعيش؟ وهل سنشهد انفجاراً اجتماعياً وخضات أمنية نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي؟ ومن سيعمل على وضع خطة إنقاذية للبلد؟ وما مصير البطاقة التمويلية الذي وعد بها وهل تكفي في حال اعتمادها لمواجهة إعصار رفع الدعم؟
باختصار أيام سوداء تنتظر اللبنانيين، فما كانوا يخشونه أصبح قريباً جداً بانتظار معجزة ما تخلصهم من "نار جهنم" التي اوقعهم فيها مسؤولون فقدوا الضمير والشعور بالمسؤولية.