كتب عماد مرمل في "الجمهورية": لم يعد جائزاً بالنسبة إلى البطريرك الماروني ان يظلّ الحريري متمسكاً بلائحة الـ18 ولا يتزحرح عنها بهذا الشكل، مع انّ التطورات تجاوزتها واصبحت تحتاج إلى «update»، خصوصاً انّ الرئيس المكلّف مدعو في استمرار، انطلاقاً من طبيعة دوره، الى ابتكار الحلول والمعالجات وتكرار المحاولة تلو الأخرى، لا الاستسلام للعِقَد والعقبات والإنكفاء عن السعي المتواصل.
ومع انّ الراعي لا يزال يمنح الأفضلية للحريري في تشكيل الحكومة لاعتبارات ميثاقية، الّا انّه، وللمرة الأولى ربما، اطلق اشارة الى إمكان الاستغناء عنه اذا بقي التفاهم بينه وبين عون متعذراً.
هذا ما يمكن استنتاجه من بين سطور عظة البطريرك الذي دعا الرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية الى اتخاذ موقف شجاع يسمح بإطلاق عملية تأليف جديدة في حال لم يتفقا. لكن شخصية محيطة ببكركي تلفت الى انّ اعتذار الحريري هو أحد الخيارات التي كان يقصدها الراعي، معتبرة انّ من الاحتمالات الأخرى لكسر جليد المراوحة استقالة النواب وإجراء انتخابات نيابية مبكرة او حتى الاستعانة بالامم المتحدة.
ولئن كان طرح الراعي المستجد يعكس تململاً من سلوك الحريري، الاّ انّ اصدقاء لبكركي يؤكّدون انّ موقع الراعي ثابت، وانّ الآخرين هم الذين يبتعدون او يقتربون منه تبعاً لمواقفهم وتصرفاتهم. ويشدّد هؤلاء على أنّ الراعي ليس مع عون ضدّ الحريري او العكس، بل همّه الوحيد ان يتفاهما، لأنّه لا يمكن الحكومة ان تولد من دون توافقهما على قاعدة التوازن بينهما، وهو يضطر الى رفع الصوت تباعاً، لأنّ الوضع لم يعد يتحمّل المراوغة والمراوحة.
وعلى الرغم من انّ الراعي يلمح ضمناً الى انّه أصبح لا يمانع في اعتذار الحريري، اذا اضطر الأمر، غير انّ السيناريو الافضل، من وجهة نظره، يبقى في ان يلتقي عون والحريري مجدداً، وأن يتفقا على تشكيلة جديدة، لأنّ تغيير الحريري قد تكون له تبعات سلبية على مستوى البيئة السنّية التي لن تتقبّل تكليف شخصية تفتقر الى غطاء الطائفة المستمد من المفتي والحريري ورؤساء الحكومات السابقين، ما يهدّد بأزمة اضافية ليست في أوانها بالتأكيد، كما ينبّه القريبون من بكركي.