تجربة انتخابية غير مسبوقة في لبنان لانتاج برلمان شبابي بالكامل خارج القيد الطائفي، من قبل مؤسسة "أديان" على أساس قانون انتخابي يزاوج بين الأكثري والنسبي، وضعه مركز رشاد للحوكمة الثقافية في المؤسسة، ليكون بمثابة "بروفا" للإستحقاق التشريعي المفترض في أيار المقبل.
يذكر أنّ المختلط بين الأكثري والنسبي ليس طرحًا انتخابيًا حديثًا، كان الرئيس نجيب ميقاتي قدّمه إلى الهيئة الوطنية الخاصة بقانون الانتخاب عام 2005، ويتضمن انتخاب نصف النواب على أساس النظام النسبي والنصف الآخر على أساس النظام الأكثري، معتبرًا في حينه "أنّ إجراء الانتخابات على أساس قانون يجمع بين النسبية والأكثرية يتيح لكل الشرائح اللبنانية التمثيل الصحيح والحقيقي والعادل".
"أديان" أطلقت مشروعها بالتزامن مع دخول ولاية مجلس النواب عامها الأخير، بعنوان "القادة الشباب من أجل سياسة غير طائفية في لبنان: البرلمان الشبابي النموذجي"، ستخاض إنتخابات "أديان" على أساسه في أيلول المقبل، وقد حدّد المشروع أعضاء مجلس النواب بأربعة وستين نائبًا نسبةً إلى عدد سكان لبنان، يتم انتخابهم من خمسة الآف ناخب، من بين مئة وثمانين مرشّحًا.
هذه التجربة تستند إلى مشروع متكامل، يحدّد شروط الترشح والإقتراع، فيه المهل الزمنية والتقسيمات الإنتخابية والدوائر وتسجيل الناخبين عبر الموقع الإلكتروني الخاص بالمشروع، بحيث تنتهي مهلة تسجيل الناخبين في الرابع من تموز المقبل. وقد تضمّن القانون الإنتخابي مجموعة من الإصلاحات المتقدّمة، أبرزها تخفيض سن الإقتراع إلى 18 سنة، والسماح بالترشح لمن هم من أمّ لبنانية، واعتماد خياري التصويت الإلكتروني أو الحضوري. والأهم أنّ الخطاب الإنتخابي وفق القانون المطروح يستند إلى برامج ورؤى، وليس إلى طروحات مذهبية وطائفية وفق القيّمين على المشروع.
هذه التجربة هي نتاج جهود لجنة من الخبراء في مجالات النظم والعمليات الانتخابية، أهميتها وفق المدير التنفيذي لمؤسسة "أديان" الدكتور إيلي الهندي في حديث لـ "لبنان 24" أنّها تنتج برلمانًا شبابيًا، وتؤكد القدرة على إجراء الإنتخابات في موعدها، وتهدف إلى تحفيز الشباب للمشاركة في الحياة السياسية وتطويرها على قواعد غير طائفية، فضلًا عن تعزيز الوعي حيال دولة المواطَنة الحاضنة للتنوع.
البرلمان المنتخب وفق مشروع "أديان" سيتكمل مهمته مع المرشحين الفعليين للإنتخابات النيابية، للضغط باتجاه تبنّي سياسات الشباب وأولويّاتهم، في الإنتخابات النيابية المقبلة.
اعتمد المشروع النظام الأكثري ضمن دوائر فردية مع قاعدة الصوت البديل لانتخاب ثلثي أعضاء المجلس، والنظام النسبي ضمن لبنان دائرة واحدة لانتخاب ثلث أعضاء البرلمان. أمّا الغاية من الجمع بين الأكثري والنسبي وفق الهندي "فتكمن في الحفاظ على التمثيل الصحيح، وترجمة التنوع الموجود في المجتمع اللبناني، إذ لا يمكن للندوة البرلمانية أن تعكس هذا التنوع المناطقي والجندري والطائفي والمجتمعي إلا من خلال قانون مركّب بين النسبي والإكثري، بما يتيح للشباب اختبار النظامين والتعرف الى حسناتهما ومساوئهما".
برأّي الهندي يشكّل برنامجهم فرصة لتحقيق ما فشل السياسيون بتحقيقه، وهو إشراك الشباب في الحياة السياسية بإطار مواطني غير طائفي "فالإنتخابات المطروحة من قبلنا ليست تقليدية بل شبابية ومحصورة بالشباب بين 18 و35 عامًا، والدينامية التي ستخلقها ستكون مؤثّرة على مسار الإنتخابات المنتظرة في الربيع المقبل".
هل سيتمكن هذا الطرح من إنتاج مجلس نيابي مغاير وطبقة سياسية جديدة؟
يجيب الهندي "نحن نعتقد بشكل جدّي أنّ ما سينتج عن هذه الإنتخابات سيكون مختلفًا عن المجلس الحالي، بحيث سيخلق دينامية سياسية إضافة إلى الدينامية الموجودة في مرحلة ما قبل الإنتخابات. كما أنّ التأهيل والتدريب الذي يحصل مع المرشيحن، والحملة التوعوية والتثقيفية التي يشملها البرنامج قبل وخلال وبعد الحملة والإنتخابات، ومن شأنه أن يؤهّل الشباب ليكون لديهم اطلاع أكبر وأوسع على الحياة السياسية، ويمنحهم القدرات والتقنيات للمشاركة في الإنتخابات".
السؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا، لماذا تمكّنت مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني من وضع قانون انتخابي جديد، فيما المجلس النيابي عاجز عن المهمة التي تقع على عاتقه ؟ هل سيتذرع المسؤولون لاحقًا بضيق الوقت لإبقاء القانون الحالي المذهبي أم للإطاحة بالإنتخابات؟