خمس اتفاقيات مع الجامعة اللبنانية وعدد من الجامعات الخاصة مع وزارة الصحة أسفرت قبل اشهر عن إنطلاق حملة تلقيح الاساتذة والطواقم وتاليا الطلاب ضد كورونا، كخطوة استباقية متقدمة نحو التمنيع المجتمعي تحضيرا للعام الدراسي المقبل. خطوة وعلى الرغم من اهميتها الا انها تصطدم بعائق الاستجابة من قبل الاهالي والطلاب لتلقي اللقاحات خوفا من عوارض قد تصيب الفئة العمرية الشابة، وهو ما يجعل مصير العام الدراسي الجامعي المقبل مهددا، فأي آلية متبعة وما اللقاحات التي توفرها الجامعات؟.
المؤكد انه لا يمكن تجاهل مخاوف وهواجس الناس بما يتعلق بلقاحات كورونا، ولكن بالمقابل هناك حقيقة تقول أن كورونا قد تكون أشد فتكا بالاشخاص، مقارنة بخطورة احتمالية التأثير السلبي لعوارض تلقي اللقاح. وأمام هذا الواقع ثابت وحيد، الجائحة لم تنته والمتحورات تصبح أكثر شراسة كما "دلتا" او المتحور الهندي، ونحن في لبنان لسنا بمنأى عن خطر المتحورات، مع موجة قدوم المغتربين خلال الصيف، ما يرفع نسبة الخطورة، ويعيد بنا الى سيناريو الصيف المنصرم، حيث فتكت بنا كورونا وأصبحنا نتجاوز حينها الـ5000 اصابة يومياً.
والمجموعات الشابة أيضاً ليست بمأمن، تفيد الارقام أنّ 20 بالمئة من الاصابات في كورونا بالعالم كانت لفئات تُسمى young adults، اي ما بين 30 الى 40 عاماً. وعندما بدأت حملات التلقيح لكبار السن واصحاب الامراض، تراخى بعض الدول في اجراءات الوقاية، وما حدث كان أعظم، حيث أدى ذلك الى زيادة عدد الاصابات لدى الفئات الشابة، ما زاد عدد الوفيات. تقول الدكتورة سهى يزبك استاذة محاضرة في الـ"AUB" وباحثة أنّ الخطر اليوم لا يزال قائماً، ورأينا عدد الوفيات الكبير في العالم للفئات الشابة، و"الأخطر من ذلك تم إكتشاف أنّ هذه الفئة من المجتمع بعد الاصابة بكورونا، أصبحت تعاني مما يُسمى الـlong covid، اي اعراض كورونا طويلة الأمد، والتي تؤدي الى مضاعفات صحية لا يُستهان بها بعد الشفاء كالالتهابات وغيرها". وبالتالي يجب تلقيح الشباب، تؤكد يزبك في حديث لـ"لبنان 24"، وخصوصاً "أنّ هذه الفئة قد تكون قائدة حملة المتحورات الجديدة من كورونا، من خلال الاختلاط في المدارس والجامعات في العام الدراسي المقبل، وايضاً في النشاطات والسهرات والانشطة الرياضية الصيفية".
تقول يزبك: "اليوم نحن امام خطر المتحورات الجديدة ومن بينها "دلتا" أو المتحور الهندي، وفي اميركا وعلى سبيل المثال عندما تبينوا من حقيقة خطورة المتحورات خصوصاً بعد المتحور البريطاني وارتفاع نسبة الوفيات ودخول المستشفى، وجدوا انه اصبح لزاماً تلقيح الفئات الشابة وطلاب المدارس والجامعات".
ماذا عن لبنان؟
تقول يزبك: "تفكر كل المدارس والجامعات اليوم في العودة الآمنة للمقاعد الدراسية في العام المقبل. جميعنا لمسنا صعوبة التعليم عن بعد والتعليم المدمج، لذلك تم الاتفاق مع الجامعة اللبنانية وعدد من الجامعات الخاصة عن طريق وزارة الصحة، للتوصل الى تلقيح الطلاب من عمر الـ18، واليوم اصبح اللقاح مرخصاً لهذه الفئة العمرية، للقاحات فايزر وموديرنا تحديداً. وفي لبنان، حصلت الجامعات على فايزر وبدأت بتلقيح الاساتذة والطواقم، ولا تزال في صدد استحضار المزيد من اللقاحات من اجل الطلاب للانتهاء من عمليات التلقيح قبل شهر ايلول المقبل. وعملياً، لا يوجد اي عائق، فاللقاحات موجودة وألية التنفيذ بدأت".
الإستجابة للمناعة
فأين العائق امام العام الدراسي المقبل، وهل من صعوبة للتوصل الى مناعة مجتمعية على مستوى الجامعات؟. تجيب يزبك: "هنا يُطرح سؤال مدى الاستجابة لعمليات التلقيح، واليوم، غالبية الجامعات في صدد دراسة ومراقبة التفاعل والاستجابة مع الاهل والتلاميذ بطبيعة الحال. ما حصل أنّ تقريراً صدر قبل مدة تحدث عن احتمالية ربط لقاح فايزر بالتهاب عضلة القلب او غشاء القلب في بعض الدول التي كانت سباقة في تطعيم الشباب، ولكن في الحقيقة فإنّه لغاية اليوم هذا الارتباط غير مثبت علمياً. ولم يتمكن الباحثون والاخصائيون بعد، من اثبات فيما اذا كانت هذه الالتهابات بسبب اللقاح تحديداً".
إذا لا شيء مؤكد سوى مزيد من الهواجس والمخاوف من تلقيح الطلاب، فإلي أي مدى سيؤثر ذلك على عملية الاستجابة محلياً لتلقي اللقاحات لدى هذه الفئات العمرية؟ تقول يزبك: "عدم الاستجابة، يطرح مسألة خطيرة جداً وهي عدم التنبه اصلاً الى خطورة الفيروس على الشباب، وهذه النقطة يجب التوقف عندها ملياً، فهذا المرض خطير، وكورونا هي التي تسبب التهابات في القلب عند الشباب بعوارض تستمر لفترات طويلة وليس اللقاحات. وفي الولايات المتحدة ايضاً وعلى سبيل المثال ومن بين ملايين الشباب الذين تلقوا اللقاحات، لوحظ وجود مشاكل لدى 270 شخص فقط، اي انه رقم متدني جداً، و80 بالمئة من هؤلاء تماثلوا للشفاء من دون حتى تدخل طبي، فالمسألة لا تحتاج الى اكثر من مضاد التهاب، ولم تؤدِ هذه الحوادث الى اي حالات وفاة".
في خلاصة الحديث، فإنّ خطر كورونا أكبر بكثير من خطر اللقاحات، وهذا ينسحب على مختلف الفئات العمرية دون استثناء. وتختم يزبك: "منظمة الصحة العالمية أحرص على متابعة عمليات التلقيح ولو كان هناك خطورة ما لما كانت أصدرت توصياتها بتطيعم الشباب، وهذه حقيقة يجب التوقف عندها".
وبالتالي، نحن اليوم في هدنة محارب، كورونا لا تزال موجودة، كما خطر المتحورات الآتية من الخارج، ولا سبيل بالخلاص الاّ باللقاحات للتوصل الى مناعة مجتمعية في حدود الـ60 الى 70 بالمئة.