تراقب إسرائيل لبنان عن كثب. ومع ازدياد الوضع السياسي والاقتصادي سوءاً، يزداد الاهتمام الإسرائيلي بالوضع سعياً لاستغلال نقاط الضعف والإمعان في الضغوط، لا سيما بعدما ربطت حلول الأزمة بتقديم تنازلات في مجموعة ملفات أبرزها ترسيم الحدود البحرية.
وفي الوقت الذي يغرق فيه لبنان أكثر، أعلنت إسرائيل عن
توقيع اتفاقيات لتنقيب الغاز في المنطقة اللبنانية الخالصة (تسميها إسرائيل "المتنازع عليها")، إذ أفيد أنّ شركة "إنيرجيان" اليونانية وقعت على عقود للتنقيب عن الغاز في خمس آبار شمالية "تقع في المنطقة الاقتصادية الإسرائيلية الخالصة". وتقع ثلاثة حقول جنوب "المنطقة المتنازع عليها مع لبنان"، وهي متداخلة بشكل كبير مع الخط الحدودي الجديد الذي يطالب به لبنان.
تمثّل الأزمة الاقتصادية ورقة ضغط قوية بالنسبة إلى إسرائيل التي تحمّل في سرديتها "حزب الله" وحده مسؤولة الأزمة. وفي هذا السياق، يمكن قراءة تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد يائير لابيد الأخير. فخلال زيارته إلى الإمارات حيث شارك في افتتاح سفارة تل أبيب، أجاب لابيد عن سؤال حول رأيه من "وجود دولة فاشلة (في إشارة إلى لبنان) بمحاذاة حدود إسرائيل"، قائلاً: "كانت دولة مع منظمة إرهابية، والآن أصبحت منظمة إرهابية مع دولة"، في تلميح إلى "حزب الله".
وأضاف لابيد: "وهذا ينذر بالخطر". وفي تعليق يهدف إلى إثارة انقسامات بين اللبنانيين، قال لابيد: "أتعاطف مع الشعب اللبناني"، متابعاً: "الثمن الاقتصادي (الذي يدفعه الشعب اللبناني) فظيع.. آمل أن يتعافوا من ذلك، وأن يشكلوا حكومة".
التحالف بين "حماس" و"حزب الله" كان حاضراً أيضاً في إجابة لابيد، إذ أكّد أنّ التواصل بين إسرائيل وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قائم، وأنّ "إسرائيل لها الحق في حماية نفسها"، واصفاً "حزب الله" بـ"أكبر منظمة إرهابية على كوكب الأرض"، ومعرباً عن مخاوفه من أعداد صواريخه ورؤوسه الصاروخية التي "تهدد منزله في تل أبيب".
الخوف الإسرائيلي من لقاء رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية بالأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يوم الأحد كان واضحاً في التغطية الإعلامية للحدث، لا سيما أنّ الطرفيْن ناقشا معركة "سيف القدس"، واستعرضا تفصيلياً "أسبابها ومجرياتها ونتائجها فلسطينياً وعربياً وإسلامياً ودولياً"، وأكّدا "عمق العلاقة القائمة بين حزب الله وحركة حماس وموقعها الأساسي في هذا المحور المبارك وفي هذه المعركة الحاسمة". ففي تعليقها على اللقاء، قالت
الباحثة في "معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي" أورنا مزراحي إنّه يأتي في وقت يعاني فيه "حزب الله" و"حماس" من ضائقة داخلية خانقة، متحدثةً عن "انهيار الدولة اللبنانية الكامل" و"تداعيات القتال مع إسرائيل في غزة في أيار". كما رأت مزراحي أنّ هذا اللقاء يعبّر عن التعاون المتنامي بين "حماس" و"المحور الشيعي الذي تقوده إيران ويهدد إسرائيل".
تراقب إسرائيل التطورات اللبنانية إذن وتترقب انهيار الدولة الكامل بفارغ الصبر، وليست عقود التنقيب مع شركة "إنيرجيان" اليونانية سوى فصل جديد من الضغوط، فكيف سيرد لبنان؟