يستمر الجمود السياسي المترافق مع الأزمة السياسية المرتبطة بتسمية رئيس جديد للحكومة ومع الأزمة الاقتصادية التي تتفاقم يوما بعد يوم من دون اي قدرة للقوى السياسية على اتخاذ قرارات جذرية بهدف الحد منها أو أقلّه التخفيف من سرعتها. لكن الجديد هو دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون للاستشارات النيابية من دون أي تنسيق مع القوى الداخلية. فما الهدف من الخطوة السريعة التي قام بها عون؟
رغم أن خطوة عون دستورية وبدت جيدة عموما خصوصا وأنها لا تخدم في قبض رئيس الجمهورية على ملف التكليف ومساومته على قضايا وشروط سياسية وحكومية قبل تسمية أي شخصية للحكومة، ولكن في ظل الازمة السياسية التي تواجه البلاد لا بد من اعتبار هذه الخطوة قراراً متسرعاً. والتسرع لا يعني ضرورة حصول اتفاق سياسي قبل التشكيل بل على العكس من ذلك، يجب تسمية شخصية لتقوم بنفسها بمشاورات التأليف، غير ان الامر لا يمنع، تفادياً لتزايد وتيرة الازمة، من تنسيق رئيس الجمهورية مع سائر الفرقاء المعنيين او اعطائها مهلة، فماذا إذاً تغيّر؟
يسعى عون الى اثبات حسن نيّته امام الرأي العام، والإيحاء بأنه لا يريد التعدي على صلاحيات رئيس الحكومة وهو بذلك يحاول مخاطبة الجمهور السنّي والتلميح الى أن الرئيس سعد الحريري قد بالغ في هواجسه على مسألة الصلاحيات، لكن في الواقع فإن عون يرمي كرة النار من حضنه في إشارة الى انه لم يكن المعطّل في الأساس بل الساعي الى تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن.
خطوة عون لا تعفيه، سياسياً، من عدم رغبته بتشكيل حكومة، ذلك لأنه يعلم ان لا ولادة للحكومة بلا مشاورات واتصالات في ظل الازمات الحاصلة ومن بينها تمسك بعض القوى بوجود غطاء سني، ومع انعدام هذا الغطاء فإن عون يناور ويحاول الالتفاف على الرأي العام لإظهار براءته من التعطيل.
وقد اعتبرت مصادر سياسية مطلعة أن الرئيس ميشال عون يهدف من وراء خطوته الى احراج حليفه "حزب الله" وإلزامه بتسمية شخصية يرضى عنها عون لأن الوقت الذي وضعه كان قصيراً ويحرج القوى السياسية ولا سيما الحزب الذي سيسارع، من وجهة نظر عون، الى طرح شخصية مقبولة كي لا يسبقه خصومه مستغلين بعض الخلافات مع حلفائه.
من هنا يظن عون انه يستطيع إجبار الجميع على التفاوض معه بشكل كامل والرضوخ لشروطه في أزمة التكليف.